ملخص المقال
انقسم أهل مكة في تعاملهم مع معجزة الإسراء والمعراج إلى ثلاثة أقسام..
بعد انتهاء النبي صلى الله عليه وسلم من رحلة الإسراء والمعراج كُلِّف صلى الله عليه وسلم أن يُخْبِر أهل مكة المشركين عن رحلة الإسراء فقط؛ أما رحلة المعراج فهي للمؤمنين فقط، والسرُّ في ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم يمكن أن يُقَدِّم أدلة مادية على صدقه في رحلة الإسراء، أما رحلة المعراج فلن يؤمن بها إلا مَنْ آمن بقدرة الله سبحانه، وتيقَّن من صدق الرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ومن ثَمَّ فلا معنى للحديث عنها مع أولئك المشركين الذين لا يؤمنون.
وقد انقسم الناس في مكة تجاه هذه المعجزة الظاهرة إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: هم الكفار؛ الذين ازدادوا كفرًا بعد رؤية الآيات الباهرات، فزادت المعجزة الجديدة من حقدهم وحسدهم، فقلبوا الأوضاع دون حياء؛ فاستخدموا الآية العظيمة في تنفير الناس وإبعادهم عن دين الله، وكان على رأس هؤلاء أبو جهل؛ الذي حرص على جمع الناس ليسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان بحقٍّ فرعون هذه الأُمَّة، وفعل كما فعل فرعون عندما جمع الناس ليروا معجزة العصا واليد لموسى عليه السلام؛ ظنًّا منه أن هناك فرصة للانتصار على الإيمان، وعندما ظهرت المعجزة كذَّب وعصى! هكذا فعل أبو جهل تمامًا! لم يكتفِ بالتكذيب؛ إنما جمع الناس، وسار بينهم يُشَوِّش على المعجزة الظاهرة.
أما القسم الثاني: فهم قلَّة؛ ولكنها قلَّة مؤسفة! إنها مجموعة من المسلمين الذين لم يستوعبوا المعجزة، فارتدوا بعد إيمانهم كفارًا؛ قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ}[آلعمران: 90]، ويبدو أن هؤلاء كانوا حديثي الإسلام، أو أنهم اعتنقوا الدين قناعةً بشخصية الرسول صلى الله عليه وسلم، أو انبهارًا بشيء معين رأوه في الإسلام أو الصحابة؛ ولكنهم لم يؤمنوا على وجه الحقيقة بقدرة الله تعالى وقوته.
القسم الثالث: فهو قسم المؤمنين الذين ازدادوا ازدادوا إيمانًا برؤية هذه المعجزة الباهرة، وكان على رأسهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه بموقفه الشهير، الذي عَبَّر فيه عن حقيقة الأمر عند المؤمنين.
هذا القسم من أهل مكة ازداد قناعة بهذا الدين العظيم، الذي كثرت الأدلَّة على صدقه وحقيقته، وازدادوا حبًّا لرسوله المكرَّم صلى الله عليه وسلم بعد أن عرفوا مكانته عند ربِّ العالمين، كما ازدادوا إيمانًا بالغيب بعد أن رآه الرسول الـمُصَدَّق صلى الله عليه وسلم، وكذلك ازدادوا اشتياقًا إلى الجنة بعد أن حكى لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها.
إن رحلة الإسراء والمعراج كانت كما لخَّصها الله تعالى في كلمات معدودات! قال تعالى:{وَمَاجَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ}[الإسراء: 60].
كان الأمر إذن فتنةً واختبارًا، فمِن الناس مَنْ نجح وسبق، ومنهم مَنْ فشل وانتكس، والـمُوَفَّق مَنْ وَفَّقَه الله تعالى.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- اعرف نبيك .. 7 كتب لا غنى عنها في السيرة النبوية
- قصة ميلاد عيسى ابن مريم عليه السلام
- مسجد ومدرسة السلطان الأشرف برسباي في القاهرة
- موقف من حياة الحجاج بن يوسف الثقفي
- السماء التي رأى فيها الرسول اثنين من الأنبياء
التعليقات
إرسال تعليقك