ملخص المقال
قصة خطبة واحدة حركت قارة أوربا بأكملها لخوض حرب!
إنها الخطبة التي قالها أوربان الثاني بابا روما في المؤتمر الجامع الذي عقده في مدينة كليرمون الفرنسية وذلك في (488هـ) 27 من نوفمبر سنة 1095م، وذلك لدفع أوربا الغربية لخوض حرب صليبية ضد الشرق الإسلامي.
ولكن السؤال كيف استطاع أوربان الثاني في خطبة واحدة أن يحرك أوربا كلها ويشعل حروبا استمرت لمائتي عام؟!
والجواب يكمن في المؤثرات التي استخدمها أوربان في خطبته والتي استطاع بها أن يدغدغ مشاعر الأوربيين على اختلاف طبقاتهم وطوائفهم.
وكذلك استخدامه أكثر من وسيلة لإقناع الحضور بضرورة التوجه إلى فلسطين لنجدة النصارى الشرقيين، ولحماية الحجاج الذين يعانون - كما يصور البابا - من ظلم وبطش الكفار (وهو يقصد المسلمين).
وأهم المؤثرات التي استخدمها في خطبته أنه يتكلم نيابة عن المسيح نفسه، فقال مثلاً: "ومن ثَمَّ فإنني لست أنا، ولكن الرب هو الذي يحثكم باعتباركم وزراء المسيح أن تحضوا الناس من شتى الطبقات".
كما أنه وعد المشاركين في الحملة بالغفران، وكان من المؤثرات أيضًا أنه استفاض في تصوير مدى الألم والمعاناة التي يشعر بها الحجاج النصارى في فلسطين، كما لوَّح بالثراء الذي عليه بلاد الشرق، بل إنه ذكر لهم ما جاء في الإنجيل عن فلسطين؛ حيث قال: "ووهبنا هذه الأراضي التي تفيض لبنًا وعسلاً".
ومن المؤثرات أيضا أنه نبّه طبقة النبلاء والفرسان إلى وجود ميدان خصب لاستعراض قوتهم، بدلاً من التصارع في أوربا.
واستغل كذلك فكرة إقامة المؤتمر في مدينة فرنسية فتحدث عن شجاعة الفرنسيين وقدراتهم القتالية، وأيضًا امتداح تاريخ أسلافهم، وتحميلهم تبعات سيادة أوربا.
وكان من المؤثرات أيضًا جذبه لمن عليه دين بوضع الدَّين عنه أو تقسيطه على فترات طويلة، وإعفاء الملاَّك من الضرائب أثناء القتال، وإعفاء المجرمين من العقاب في حال مشاركتهم!
ولقد صاغ أوربان الثاني كل هذه المؤثرات بكلمات مؤثرة، وحجج مقنعة حتى دخلت كلماته قلوب كل الحضور، وأشعلت السامعين، حتى إنه بمجرد الانتهاء من كلمته استجاب الحضور وقاموا يطلقون صيحة واحدة، يقولون فيها: "الرب يريدها" Deus lo volt، وهي الصيحة التي صارت شعارًا للحرب بعد ذلك.
للمزيد ..
د.راغب السرجاني: مجمع كليرمون .. خطبة أوربان الثاني ونتائجها
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- قصة آل عمران .. العائلة التي كرَّمها الله في القرآن الكريم
- حقيقة عيسى العوام وأكذوبة فيلم صلاح الدين
- نص خطاب جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة
- متى بني المسجد الأقصى ومن الذي بناه؟
- عمرو بن العاص وقصة الفتح الإسلامي لليبيا
التعليقات
إرسال تعليقك