ملخص المقال
العلم الذي علمه الله آدم عليه السلام، وبه تفوق على الملائكة هو القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء..
السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله هذا الكائن البشري هو القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات. سر القدرة على تسمية الأشخاص والأشياء بأسماء يجعلها- وهي ألفاظ منطوقة - رموزا لتلك الأشخاص والأشياء المحسوسة.
وهي قدرة ندرك قيمتها حين نتصور الصعوبة الكبرى حين يحتاج كل فرد لكي يتفاهم مع الآخرين على شيء أن يستحضر هذا الشيء بذاته أمامهم ليتفاهموا بشأنه.. الشأن شأن نخلة فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا باستحضار جسم النخلة! الشأن شأن فرد من الناس فلا سبيل إلى التفاهم عليه إلا باستحضار هذا الفرد من الناس.
كذلك يتحدث ابن عباس رضي الله عنهما عن العلم الذي علمه الله آدم عليه السلام قائلا: هي أسماء كل شيء: الجبل، والشجر، والبحر، والنخلة، وأسماء الناس والدواب"[1].
أي أن الله تعالى علمه العلوم "الطبيعية" التي سيحتاج إليها للحياة فوق الأرض وعمارتها، أما الملائكة فهي لا تعلم هذه الأسماء وتلك العلوم ولا حاجة لهم بهذه الخاصية ؛ لأنها لن تستخلف على الأرض، ومن ثم فهي ليست في حاجة إليها.
والواضح أنه لو علَّم الله تعالى آدم عليه السلام العبادة بمفهومها المقتصر على الصلاة والصيام والذكر والدعاء، لتفوقت الملائكة على آدم عليه السلام في هذا المجال، وما كان هناك داعٍ أن يُستخلف الإنسان في الأرض، بل يعيش في السماء كما تعيش الملائكة، يفعل أفعالهم، ويكتفي بعلومهم: {يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء: 20].
فلم يكن علْمُ آدم عليه السلام علمًا شرعيًّا فقط، وإنما كان علمًا حياتيًّا كذلك، وعليه فإن الإنسان إذا أهمل العلوم الطبيعية أو علوم "الحياة"، فإنه بذلك يُهمل أهم مقومات استخلافه على الأرض، وهذا لا يجوز في حق مسلم واع، يفهم دينه، ويدرك طبيعة استخلافه على الأرض.
للمزيد ..
د.راغب السرجاني: الإسلام وعلوم الحياة
[divider]
[1] ابن كثير: تفسير القرآن العظيم 1/ 109
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- نص خطاب جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة
- جاسوس بريطاني أسلم بسبب الحجر الأسود
- شكل سيدنا موسى عليه السلام كما رآه النبي في الإسراء والمعراج
- صورة فائقة الجودة| جامع السلطان أحمد أو الجامع الأزرق
- قصة وضع الحجر الأسود
التعليقات
إرسال تعليقك