ملخص المقال
بعد سنوات قلائل من انتصار المسلمين في معركة حطين بفلسطين حدثت حطين أخرى بالأندلس وكانت معركة الأرك
كانت هناك هدنة بين أمير الموحدين بالمغرب والأندلس المنصور الموحدي وألفونسو الثامن وبعد انتهاء تلك الهدنة، بعث ألفونسو الثامن لجميع الثغور الإسلامية يُنذر بانتهاء الهدنة - وكان المنصور وقتها منشغلاً بمعاركه في المغرب ضد الخارجين عليه- ثم بعث بقادته إلى مختلف أنحاء الأندلس يهاجمونها، وقد مال المنصور إلى الانتهاء من أمر المتمردين أولاً، لولا أن توالت كتب أهل الأندلس عليه تُشير باشتداد وطأة العدو إلى ما لا يطاق، فعدل عن عزمه وبدأ في التفكير صوب العبور إلى الأندلس.
وقبل هذا الوقت بسنوات كان المسلمون في كل مكان يعيشون فرحة الانتصار الذي حققه صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في موقعة حطين سنة (583هـ= 1187م)؛ أي: قبل هذه الأحداث بسبع سنوات فقط، ومازال المسلمون في المغرب يعيشون هذا الحدث الإسلامي الكبير، ويتمنون أن يكرروه في المشرق.
ساعتها كان جيش دولة الموحدين على أتم استعداد لمواجهة الخارجين على المنصور الموحدي ولكن لما تغيرت الوجهة وأعلن الجهاد ضد ألفونسو الثامن أقبل المتطوعون من كل مكان، وقد بدأ هذا الاستنفار في سنة (590هـ=1194م)، وبعدها بعام واحد وفي سنة (591هـ=1195م) انطلقت الجيوش الإسلامية من المغرب العربي والصحراء وعبرت إلى الأندلس؛ لتلتقي مع الصليبيين عند حصن الأرك, وهو على بعد عشرين كيلو مترًا إلى الشمال الغربي من قلعة رباح، على أحد فروع نهر وادي آنة، جنوب طليطلة في الحدود بين قشتالة والأندلس.
وفي 9 شعبان 591هـ= 18 يوليو 1195م وعند هذا الحصن الكبير التقى المسلمون مع جيوش النصارى، وكان ألفونسو الثامن قد أعدَّ جيشه بعد أن استعان بمملكتي ليون ونافار، في قوَّة يبلغ قوامها قرابة 250 ألف نصراني، وقد أحضروا معهم يهود لشراء أسرى المسلمين بعد انتهاء المعركة لصالحهم؛ ليتمَّ بيعهم بعد ذلك في أوربا!
وعلى الجانب الآخر فقد أعد أبو يوسف يعقوب المنصور الموحدي جيشا كبيرا؛ بلغ قِوَامه مائتي ألف مسلم، ونشبت المعركة العنيفة بين الطرفين، وقد هجم الصليبيون بمنتهى الشدة على قلب الجيش الإسلامي وأحدثوا به ثغرة حتى استشهد القائد العام أبو يحيى بن أبي حفص ومعه الكثير من فرسانه، وكان لسقوطه أثر بالغ في إذكاء حماسة المسلمين، فالتفّت القبائل العربية وجموع المتطوعين حول المعسكر الصليبي، وهجمت القوات الأندلسية من الأمام، واهتز الصليبيون من هذا الهجوم الشرس للمسلمين، فقام ألفونسو الثامن بدفع كتيبة أخرى من جنده لإنقاذ مقدمة جيشه التي طحنها المسلمون، فتقهقرت ميسرة المسلمين، وعندها نهض يعقوب المنصور بنفسه واندفع داخل أرض المعركة، وكان لذلك النزول مفعول السحر في نفوس الجنود واندفعوا يقاتلون بمنتهى الضراوة، وحاول ألفونسو الثامن إعادة تنظيم جيشه ولكنه فشل وسقط قواده وفرسانه من حوله، ففر في عشرين من رجاله إلى عاصمته طليطلة.
كان من أهمِّ آثار انتصار الأرك تَبَدُّدُ جيش النصارى بين القتل والأسر؛ فقد قُتِلَ منهم في اليوم الأول فقط -على أقل تقدير- ثلاثون ألفًا، وقد جاء في نفح الطيب للمقري أن عدد قتلى النصارى وصل إلى ستة وأربعين ألفًا ومائة ألف قتيل وكان عدد الأسرى بين عشرين وثلاثين ألف أسير، وقد مَنَّ عليهم المنصور الموحدي بغير مقابل أو فداء؛ إظهارًا لعظمة الإسلام، وعدم اكتراثه بقوَّة النصارى.
للمزيد ..
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- اعرف نبيك .. 7 كتب لا غنى عنها في السيرة النبوية
- معنى كلمة لإيلاف قريش
- حذار من الفيلة في رمضان!
- قصة مأساة بئر معونة
- قصة ميلاد عيسى ابن مريم عليه السلام
التعليقات
إرسال تعليقك