ملخص المقال
الفرنسيون هم أول من قاموا باكتشاف القاعات السرية لمحاكم التفتيش التي عذبت المسلمين وذلك بعد دخولهم إسبانيا
محاكم التفتيش أقامها الإسبان الكاثوليك بعد سقوط الأندلس لتتبع المسلمين، واليهود، والمسيحيين البروتستانت؛ لإكراهم على المسيحية الكاثوليكية أو تعذيبهم وقتلهم في القاعات السرية لمحاكم التفتيش.
العجيب أن اكتشاف القاعات السرية لمحاكم التفتيش كان على يد الفرنسيين بعد دخولهم إسبانيا؛ فقد كتب ليموتسكي أحد ضباط الفرنسيين في إسبانيا قائلا: كنتُ سنة 1809م ملحقًا بالجيش الفرنسي بإسبانيا، وكانت فرقتي بين فرق الجيش الذي احتل (مدريد) العاصمة، وكان الإمبراطور نابليون أصدر مرسومًا سنة 1808م بإلغاء دواوين التفتيش التي عُرفت بعد ذلك بمحاكم التفتيش.
وقد صمم رهبان وقساوسة محاكم التفتيش على قتل كل فرنسي يقع في أيديهم؛ انتقامًا من القرار، وبثا للرعب بين الفرنسيين؛ حتى يضطروا إلى إخلاء البلاد فيخلوا لهم الجو.
ويكمل الضابط الفرنسي ليموتسكي قصته قائلا: وبينما كنت أسير في شارع من شوارع مدريد التي يقل المارة فيها؛ إذ بمسلحينِ قد هجما عليَّ؛ يريدان قتلي ولم ينجني إلا قدوم سرية فرنسية، فما أن شاهدها القاتلان حتى هربا، وتبين من ملابسهما أنهما من جنود محاكم التفتيش.
فطلبت على الفور من الحاكم العسكري الفرنسي بمدينة مدريد قوة عسكرية؛ لمهاجمة دير ديوان الذي كان بمثابة محكمة تفتيش دموية وإلقاء القبض على رهبانه.
ودخلت بالقوة دير ديوان وأصدرت الأمر لجنودي بالقبض على أولئك القساوسة جميعًا وعلى حراسهم من الجنود، ثم أخذنا نبحث عن القاعات السرية لمحاكم التفتيش المعروفة ببشاعتها.
وكادت جهودنا تذهب هباء، ونحن نحاول العثور على قاعات التعذيب بمحاكم التفتيش، فأعطيتُ الأوامر للجنود بالاستعداد لمغادرة الدير، لكن مساعدي الضابط دي ليل قال لي: إنني أرغب أن أفحص أرضية هذه الغرف؛ فإن قلبي يحدثني بأن السرَّ تحتها.
عند ذلك نظر الرهبان الإسبان إلينا نظرات قلقة، فأذنتُ للضابط بالبحث، فأمر الضابط دي دليل الجنود أن يرفعوا السجاجيد عن الأرض، ثم أمرهم أن يصبوا الماء في أرض كل غرفة؛ فإذا بالأرض قد ابتلعت الماء في إحدى الغرف.
فصفق الضابط دي ليل من شدة فرحه، وقال: ها هو الباب، انظروا. فنظرنا فإذا بالباب قد انكشف، كان قطعة من أرض الغرفة، يُفتح بطريقة ماكرة، بواسطة حلقة صغيرة وضعت إلى جانب مكتب رئيس الدير.
وأخذ الجنود يكسرون الباب بالبنادق، فاصفرت وجوه الرهبان، وفتح الباب، فظهر لنا سلم يؤدي إلى باطن الأرض، فأسرعتُ إلى شمعة كبيرة، وهبطتُ على السلم المؤدي إلى أسفل يتبعني سائر الضباط والجنود، حتى وصلنا إلى آخر درجة بالسلم، فإذا نحن في غرفة كبيرة مرعبة، وهي عندهم قاعة المحكمة، في وسطها عمود من الرخام، به حلقة حديدية ضخمة، وربطت بها سلاسل من أجل تقييد المحاكمين بها.
وأمام هذا العمود كانت المصطبة التي يجلس عليها رئيس ديوان محاكم التفتيش والقضاة لمحاكمة الأبرياء، ثم توجهنا إلى غرف التعذيب وتمزيق الأجسام البشرية، التي امتدت على مسافات كبيرة تحت الأرض.
وهكذا تم اكتشاف القاعات السرية لمحاكم التفتيش، وقد وصل الخبر بعد ذلك إلى العاصمة مدريد فهب الألوف ليروا وسائل التعذيب، فأمسكوا برئيس القساوسة وقتلوه وفعلوا بسائر العصابة وبقية الرهبان كذلك، ولم تمض نصف ساعة حتى قضى الشعب على حياة ثلاثة عشر راهبًا ثم أخذ ينهب ما بالدير.
للمزيد ..
د.راغب السرجاني: محاكم التفتيش .. شهادة الكولونيل الفرنسي ليموتسكي
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- هل لك خبيئة صالحة؟!
- قصة آل عمران .. العائلة التي كرَّمها الله في القرآن الكريم
- مليون جنيه لمواجهة فيضان النيل عام 1946
- كم مرة أشار فيها القرآن لأرض الشام؟
- إنفوجرافيك | سلسلة مناسك الحج -3
التعليقات
إرسال تعليقك