ملخص المقال
حرب فيتنام تعد من أهم المنعطفات التاريخية في العصر الحديث، ومن أهم الحروب الباردة التي ظلت قائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي
العالم قبل حرب فيتنام
مرَّ العالم بالكثير من الحروب التي تركت أثرًا في التاريخ، وكذلك في نفوس الشعوب التي خاضت تلك الحروب، وتُعدُّ حرب فيتنام، من أهمِّ الحروب الباردة، التي ظلَّت قائمةً بين الولاياتِ المتحدةِ الأمريكيَّة والاتحاد السوفييتي زمنًا.
وقد انتهت بتفكُّك الاتحاد السوفييتي في (26 ديسمبر 1991م= 19 جمادى الآخرة 1412هـ)، وقد اتَّسمت تلك الحرب، بتعدُّد أطراف الصراع الذي نَشَبَ بين شمال وجنوب فيتنام، وانتهت بالوحدة بينهما في عام 1975م، وذلك بعد صراعٍ استمرَّ لمدَّة تسعة عشر عامًا.
أطراف الصراع
كانت حرب فيتنام عبارةً عن صراعٍ طويلٍ مسلَّح؛ حيث حرَّض عليها النظام الشيوعي في فيتنام الشمالية وحلفائها في الجنوب والمعروفة باسم "الفيت كونغ"، ضدَّ فيتنام الجنوبيَّة والحليف الرئيس لها الولايات المتحدة الأمريكية.
بداية حرب فيتنام
بدأت الحرب في عام 1954م نتيجة الصراعات الدائمة في المنطقة التي امتدَّت إلى منتصف عام 1940م؛ بعد صعود قوَّة هوشي والحزب الشيوعي في فيتنام الشماليَّة، وقد استمرت تلك الصراعات على خلفية الحرب الباردة المكثَّفة بين القوَّتين العظميين العالميَّتين: الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي، التي قُتِلَ خلالها أكثر من ثلاثة ملايين فرد، بما في ذلك 58000 من الأمريكيِّين أنفسهم.
وبحلول عام 1969م في ذروة تورُّط الولايات المتَّحدة بالحرب؛ حيث شارك أكثر من 500000 (نصف مليون) من العسكريِّين الأمريكيِّين في حرب فيتنام، وتزايدت المعارضة للحرب في الولايات المتحدة الأمريكية، ممَّا أدَّى إلى حدوث انقسامات كثيرة بين الأمريكيين، قبل وبعد أمر الرئيس ريتشارد نيكسون بانسحاب قوَّات الولايات المتحدة في عام 1973م.
وقد استولت القوَّات الشيوعيَّة وأحكمت سيطرتها عام 1975م على عاصمة فيتنام وقتئذٍ "سايغون" لإنهاء الحرب، مما أدى إلى اتحاد فيتنام الشمالية والجنوبية كلها باسم "جمهورية فيتنام الاشتراكية" في العام التالي.
أسباب حرب فيتنام
كانت فيتنام محتلَّةً من قبل القوَّات اليابانيَّة أثناء الحرب العالمية الثانية، وكانت تُسمَّى "الهند الصينية" في ذلك الوقت، ومع اقتراب نهاية الحرب العالمية وهزيمة اليابان عسكريًّا، بادر الحزب الشيوعي الفيتنامي بالاستيلاء على "هانوي" عاصمة فيتنام الشمالية وقتها (المعروفة باسم جمهورية فيتنام الديمقراطية)، وهي العاصمة الحالية لجمهورية فيتنام بعد اتحادها؛ وذلك من أجل إجبار الإمبراطور الفيتنامي على ترك الحكم.
ممَّا أدَّى إلى إغراء فرنسا لاستعادة مستعمرة الهند الصينية، التي كانت تابعةً لها في السابق قبل أن تنتزعها اليابان منها، فحاولت السيطرة على البلاد في عام 1945م، وهو الأمر الذي أشعل الحرب بين الفيتناميِّين بقيادة (هو شي منه) زعيم الحزب الشيوعي، وبين الفرنسيِّين واستمرت لمدَّة ثمان سنوات.
وقد انتهت تلك الحرب بتوقيع معاهدة سلام في سويسرا، نصَّت على تقسيمٍ مؤقَّت لِفيتنام على أن يحدث الاستفتاء على الوحدة بين الشَّمال والجنوب بعد عامين من توقيع الاتفاق.
وقد تُوفِّي الزعيم الشيوعي (هو شي منه) عام 1969م، إلَّا أنَّ خليفته (لي دوان) أكمل المسيرة بهجماتٍ جديدة، لكنَّها سرعان ما سُحِقَت أمام الطيران الأمريكي، وعاد وزير الخارجية الأمريكي (كيسنجر)، في مفاوضات سرِّيَّة عام 1970م، مع الشيوعيين الفيتناميين، في وقت اشتعلت التظاهرات في الولايات المتَّحدة من أجل المطالبة بإنهاء الحرب الفيتنامية.
انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية
وفي ١٩٦١م أعلن الرئيس الأميركي كنيدي تأييده ودعمه لحكومة سايجون، ووقَّع كنيدي اتِّفاق تعاون شبه شامل بين الولايات المتحدة وفيتنام الجنوبية، وكانت الولايات المتحدة قد استخدمت كلَّ الوسائل العسكرية؛ كتصفية الأسري، والقصف بالنابالم، وكثفت من الوجود الأميركي وهجماته، غير أنَّ "هانوي" العاصمة لم ترضخ، وصمدت حتى أقرَّت الولايات المتحدة باستحالة الاستمرار في هذه المعركة.
عادت المفاوضات مرَّة أخرى للظهور على الساحة لمدَّة ثلاث سنوات؛ لتنتهي بتوقيع اتِّفاقيَّة للانسحاب الأمريكي من فيتنام، في يناير من عام 1973م خلال شهرين، لينسحب آخر الجنود الأمريكيين في 28 مارس عام 1973م، بعدما فقد الجيش الأمريكي هناك نحو 50 ألف جندي.
انتهاكات صارخة
لقد أسفرت الحرب الأمريكية على فيتنام عن مقتل 3 مليون فيتنامي معظمهم من المدنيين، وخلَّفت أكثر من 30.000 معاق، فضلًا عن الدَّمار الكامل الذي حاق بالمدن الفيتناميَّة!
وقد تخلَّت الولايات المتحدة عن أخلاق الحروب في سبيل إخضاع فيتنام، وقامت بالعديد من المذابح والانتهاكات في حقِّ المدنيين، وأطلقت جنودها ليُعيثوا الفساد في القرى الفيتنامية، يقتلون الحيوانات ويُتلفون المحاصيل، وعندما يتذمَّر القرويُّون يُطلقون عليهم الرصاص، ثم يُضرمون النار في بيوت القرى المصنوعة من القش!
وعندما استخدمت المقاومة الفيتنامية الغابات للتخفِّي شنَّت الولايات المتحدة الأمريكية حربًا كيماوية على منطقة الغابات الفيتنامية التي تبلغ مساحتها 40 مليون فدان، وتقترب من نصف مساحة فيتنام الشماليَّة، وبالفعل استخدمت القوَّات الأمريكية المبيدات القاتلة التي أتت على الأخضر واليابس ودمَّرت هذه الغابات تمامًا، وقد ظلَّت آثار هذه المبيدات لسنواتٍ طوال امتدَّت لِمَا بعد نهاية الحرب، ويكفي أن نعرف أنَّ بعثة الأكاديمية القوميَّة الأمريكيَّة للعلوم قد قامت بزيارة للمنطقة عقب انتهاء الحرب، وذكرت في تقريرها أنَّ منطقة الغابات يلزمها أكثر من مائة عام لكي تعود لسابق عهدها!
ويؤكد الأستاذ الدكتور راغب السرجاني في مقاله «حروب غير المسلمين .. بلا رحمة» على أنَّ حروب غير المسلمين هي كما وصفها «بلا رحمة»، وأنَّ أبرز ما يُميِّز الحروب التي يشنها الغرب على العالم الإسلامي، أو الحروب التي تنشب داخل العالم الغربي نفسه هي القسوة المفرطة التي تصل إلى حدِّ البشاعة، وإذا قَبِلَ البعض هذه القسوة بين المتحاربين -وهي غير مقبولة في الإسلام (انظر كتاب أخلاق الحروب في السنة النبوية)- فكيف يُفسِّر التنكيل الذي يحدث بالمدنيِّين بعد انتهاء الحرب؟ فلا نجد حرمةً لنساء ولا أطفال ولا أسرى ولا ممتلكات ولا أماكن عبادة!
نهاية حرب فيتنام
بعد الاتفاق الأميركي الفيتنامي، ومع اختفاء الأمريكيِّين من الساحة الفيتنامية تمكَّنت قوَّات (الفيت منه) و(الفيت كونج) من دخول العاصمة الجنوبيَّة سايجون في 30 أبريل من العام 1975م، وبالتالي رحل بعدها حتى الجنود الأمريكان الذين كانوا يحمون السفارة الأمريكية في سايجون.
وقد بلغ -كما أشرنا- عدد ضحايا حرب فيتنام وفقًا لإحصائيات رسميَّة ما بين واحد ونصف إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص بين مدني وعسكري فيتنامي وروسي وكمبودي، ومع ذلك بقيت حرب فيتنام إحدى النقاط الفاصلة والمنعطفات التاريخية التي يتوقَّف عندها التاريخ الحديث.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- جاسوس بريطاني أسلم بسبب الحجر الأسود
- نص خطاب جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة
- صورة فائقة الجودة| جامع السلطان أحمد أو الجامع الأزرق
- قصة وضع الحجر الأسود
- أين مكان عرش إبليس؟
التعليقات
إرسال تعليقك