ملخص المقال
تعرف على قصة مؤتمر برلين 1884 .. «كعكة إفريقيا التي قسمها الأوروبيون»
قبيل بداية القرن التاسع عشر بدأ المستكشفون الأوروبيون في رسم خرائط المناطق الداخلية في إفريقيا، وبحلول عام 1850م اكتُشفت معظم القارَّة الإفريقية من خلال عمليات استكشاف أوروبية.
وفي ذلك الوقت ظلَّ حوالي 80٪ من دول إفريقيا مستقلًّا، وكان الأوروبيون يتعاملون مع الأفارقة كشركاء تجاريين.
ولكن مع مرور الوقت وبسبب عوامل مختلفة، مثل: المناورات الدبلوماسية، والاستكشافات الاستعمارية، واكتشاف العديد من الموارد القيِّمة مثل: (الذهب، والأخشاب، والمطاط، والعاج، والماس، وغير ذلك الكثير..)، بسبب كل ذلك ازداد الاهتمام بالقارَّة بشكلٍ كبير.
وقد أدَّت تلك الاكتشافات إلى زيادة حدَّة التوترات بين الدول الأوروبية والتي كانت تتنافس بالفعل على الهيمنة الاستعمارية، وذلك لوفرة الموارد في تلك القارة شديدة الغنى.
وفي عام 1884م وبناءً على طلب من البرتغال، نظَّمَ أوَّل مستشار ألماني في ألمانيا "أوتو فون بسمارك" مؤتمرًا لجميع القوى الغربية الرئيسة للتفاوض حول قضية السيطرة على إفريقيا.
وأصبح هذا الحدث معروفًا بـ "مؤتمر برلين" لعام (1884م- 1885م)، ويُعرف -أيضًا- باسم "مؤتمر الكونغو" أو "مؤتمر غرب إفريقيا".
وقد كان "مؤتمر برلين" منعطف كبير في تاريخ إفريقيا؛ بل كان -أيضًا- الظهور الأول لألمانيا كقوة استعمارية أوروبية جديدة.
ووأهم ما كان يهدف إليه "مؤتمر برلين" هو إنهاء المنافسة بين القوى الأوروبية من خلال «التدافع من أجل إفريقيا»، وكان بمثابة توزيع كعكة شهية على الدول الأوروبية الكبرى وقتها.
وقد شارك في المؤتمر 14 دولة أوروبية، وهي: (النمسا – والمجر [كانتا متحدتين في ذلك الوقت]، وبلجيكا، والدانمرك، وفرنسا، وألمانيا، وبريطانيا العظمى، وإيطاليا، وهولندا، والبرتغال، وروسيا، وإسبانيا، والسويد – والنرويج [التي توحدت عام 1814م-1905م]، والدولة العثمانية، والولايات المتحدة.
وقد شمل المؤتمر عدَّة نقاط أساسيَّة منها:
1- حل قضية الرق؛ لأنَّه يحتوي على بندٍ يحظر تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي.
2- إنشاء دولة الكونغو الحرَّة، والتي كانت أحد الأسباب الرئيسة والأولى للنزاع.
3- السماح للدول الـ 14 بالتداول بحُرِّيَّة في جميع أنحاء حوض الكونغو.
4- تحرير نهري النيجر والكونغو لحركة السفن التجارية لكل الدول.
وقد تأسَّس مبدأ الفعالية؛ ممَّا يعني أنَّه لم يكن مسموحًا للقوى الأوروبية إنشاء مستعمرات بالاسم فقط، علاوةً على ذلك وضع القانون حدودًا إقليميَّة لكلِّ قوَّةٍ استعمارية، ممَّا يمنحها حقًّا مطلقًا في «متابعة» الملكية القانونية للأرض في عيون القوى الأوروبية الأخرى، وسارع المؤتمر إلى عملية الاستعمار، وبحلول عام 1914م، قُسِّمت القارة الإفريقية بالكامل إلى خمسين دولة.
وقد كانت بريطانيا العظمى هي "الرابح الأكبر"؛ حيث سيطرت على (مصر، والسودان، وأوغندا، وكينيا، وجنوب إفريقيا، وزامبيا، وزيمبابوي، وبوتسوانا)، وكذلك سيطرت على ساحل الذهب مع نيجيريا وغانا.
أمَّا فرنسا فجاءت في المركز الثاني بالسيطرة على معظم غرب إفريقيا، بما في ذلك: (ساحل العاج، وبنين، ومالي، وغينيا الفرنسية، وموريتانيا، والنيجر، والسنغال).
وكانت من القوى الاستعمارية البارزة الأخرى هي بلجيكا التي كانت تُسيطر على جمهورية الكونغو الديمقراطية، ومنها -أيضًا- البرتغال، وإيطاليا، وألمانيا، وإسبانيا.
وكانت النتيجة تقسيم القارة إلى مناطق غير نظاميَّة، وحدود جامدة (الحدود الحالية للقارة) لا تراعي البعد التاريخي أو الثقافي أو الديني للدول، متجاهلةً تمامًا التقسيم السابق لثقافات الشعوب الأصلية.
ونرى نتائج ذلك التقسيم واضحةً إلى اليوم؛ حيث دُمِجَت مجموعات متباينة كان قد جمعها العداء تاريخيًّا، ممَّا أدَّى إلى صراعاتٍ عديدةٍ في القارة الإفريقية.
وقد اعتقد بعضهم أنَّ تلك التقسيمة كانت تنمُّ عن جهل أو عدم دراسة لتلك العلاقات التاريخية والثقافية والأصول القَبَليَّة لتلك البلاد..
ولكنَّا نؤكِّد على أنَّ تلك التقسيمات كانت عن دراية كاملة وتخطيط مسبق وذلك بهدف إدخال قارة إفريقيا -تلك القارة فاحشة الثراء بالموارد والإمكانيات المادية والبشرية- في صراعات دائمة وذلك لإضعافها على الدوام وتيسير تدخل هذه القوى الاستعمارية والسيطرة عليها، فهي دومًا تسير عبر الخطة الشيطانية "فَرِّقْ تَسُدْ".. وللأسف لا يوجد اللبيب العاقل الذي يستوعب هذا مع تكراره كثيرًا!
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- اعرف نبيك .. 7 كتب لا غنى عنها في السيرة النبوية
- معنى كلمة لإيلاف قريش
- قصة ميلاد عيسى ابن مريم عليه السلام
- مسجد ومدرسة السلطان الأشرف برسباي في القاهرة
- موقف من حياة الحجاج بن يوسف الثقفي
التعليقات
إرسال تعليقك