ملخص المقال
يعد جامع أحمد بن طولون نموذجًا فريدًا في تاريخ العمارة الإسلامية، ودليلًا قويًا على ما وصلت إليه الحضارة الإسلامية في عصر الدولة الطولونية.
تعتبر شخصية أحمد بن طولون من الشخصيات الهامة في تاريخ مصر الإسلامي، إذ تتمثل فيها النقلة التي انتقلتها مصر من ولاية تابعة للخلافة العباسية إلى دولة ذات استقلال ذاتي.
ولد أحمد بن طولون بسامراء وقيل ببغداد سنة 220هـ= 835م[1]، ونشأ أحمد بن طولون على مذهب جميل، وحفظ القرآن وأتقنه، وكان من نشأته أطيب الناس صوتًا به، مع كثرة الدرس وطلب العلم؛ وتفقّه على مذهب الإمام أبي حنيفة، ونشأ في الفقه والصلاح والدين والجود حتى صار له في الدنيا الذكر الجميل[2].
دخل مصر يوم الخميس لسبع بقين من رمضان سنة 254هـ= 868م[3]، وكانت ولاية أحمد بن طولون على مصر أول الأمر قاصرة على الفسطاط، فما زال بحسن سياسته يوسع في نفوذه حتى شمل سلطانه مصر جميعها وتولى أمر الخراج، وامتد نفوذه إلى الشام وبرقة وأسس الدولة الطولونية التي حكمت مصر من سنة 254هـ إلى 292 هـ= 868م إلى 905م وتوفى سنة 270 هـ= 884م.
مسجد أحمد بن طولون.. ثالث أقدم جامع في مصر
يعد مسجد أحمد بن طولون نموذجًا فريدًا في تاريخ العمارة الإسلامية، ودليلًا قويًا على ما وصلت إليه الحضارة الإسلامية في عصر الدولة الطولونية، كما يعد مسجد أحمد بن طولون أحد أكبر المساجد الأثرية في مصر التي تمتاز بالتصميم المعماري الفريد، وأول مسجد معلق بني في مصر منذ أكثر من 1000 عام، ليكون ثالث مسجد جرى بناؤه في عاصمة مصر الإسلامية، بعد جامع عمرو بن العاص في الفسطاط، وجامع العسكر في مدينة العسكر، وذلك حسب كتاب تاريخ الأثار الإسلامية.
على مساحة 6 ونصف فدان تقريبًا، جرى بناء المسجد فوق صخرة صغيرة موجودة بجبل يشكر بمنطقة قلعة الكبش، وأمر ببنائه أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية عام 263هـ= 877 م ليعبر عن رمز استقلاله عن الدولة العباسية، حيث كان معهودا آنذاك أن المسجد الجامع هو مركز العواصم الإسلامية، ووصلت تكلفته 120 ألف دينار.
يعد مسجد أحمد بن طولون أول مسجد معلق في مصر
المسجد ينفرد بتصميم معماري فريد فهو أول مسجد معلق في مصر، وتمتاز مئذنته بسلالم دائرية الشكل بطراز معماري متميز على ارتفاع 40 مترًا، ويبلغ عدد شبابيكه من جهاته الأربع 128، وفي وسط الصحن قبة كبيرة ترتكز على 4 عقود، وعدد مداخل المسجد 19 مدخلًا، إلا أن المدخل الرئيسي حاليًا هو المدخل المجاور لمتحف جاير أندرسون، كما تتمتع مئذنة الجامع بالطراز المعماري الفريد والتي لا يوجد مثلها في مآذن القاهرة، ويبلغ ارتفاع المئذنة عن سطح الأرض 40 م.
ابن طولون يستعين بمهندس قبطي في العمارة
استعان أحمد بن طولون، في بناء المسجد بالمهندس سعيد بن كاتب الفرغاني، وهو مهندس قبطي ماهر في العمارة، تولى عمارة مقياس النيل في جزيرة الروضة سنة 864م بعد أن أمر بعمارته الخليفة العباسي المتوكل، وفي عصر أحمد بن طولون عهد إليه ببناء أهم منشآته، فبنى له أولا قناطر بن طولون وبئر عند بركة حبش لتوصيل الماء إلى مدينة القطائع.
[1] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 3/ 1 – 2.
[2] ابن تغري بردي: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة 3/ 2- 4.
[3] الكندي: الولاة والقضاة 1/ 160.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- اعرف نبيك .. 7 كتب لا غنى عنها في السيرة النبوية
- نص خطاب جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة
- قصة وضع الحجر الأسود
- أشهر السرقات العلمية في تاريخ الغرب
- لماذا بكى موسى عندما رأي النبي في الإسراء والمعراج؟
التعليقات
إرسال تعليقك