ملخص المقال
البيان الإمارتية
تاريخ البشرية هو في قسمٍ كبيرٍ من تاريخ الحروب التي خاضها البشر في ما بينهم؛ فالحروب «حاضرة وراهنة مهما كانت الحقبة التي تندلع فيها»، حسب مقولة تاريخيَّة شائعة.
لكن يبقى القرن الماضي -العشرون- هو إحدى أكثر الفترات دموية، هذا إذا لم يكن هو الأكثر قتلًا بالمطلق. ولعلَّ ذلك القرن هو إحدى الفترات القليلة في التاريخ التي كانت لها آثار مستدامة على المستقبل «الجيوسياسي» لاحقًا؛ أي في عالم اليوم.
ولا شَكَّ -أيضًا- أن ضحايا الحروب فيه كانوا أكثر من ضحايا المجاعات والأوبئة فيه، فضلًا عن أنَّ الحروب تترافق في الكثير من الأحيان بالمجاعات والأوبئة، وقد تكون سببًا لها.
القرن العشرون هو قرن الدم.. كما جاء في عنوان الكتاب الجماعي الذي شارك فيه العديد من المؤرِّخين والباحثين، وأشرف عليه الباحث إيمانويل هشت، مدير القسم الثقافي في مجلة «الإكسبريس» الفرنسية، والمشرف الآخر هو بيير سيرفان، المؤرّخ المختص بالحروب المعاصرة، وصاحب العديد من الكتب.
الموضوع الرئيس لهذا العمل هو -كما يدل عنوانه- الحروب التي عرفها العالم بين نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914م، وهذا العام الحالي 2014.
ويتم التعرُّض بالتحديد لتلك «الحروب العشرين التي غيّرت العالم»، كما جاء في العنوان الفرعي للكتاب «قرن الدم»
ما يمكن قوله هو إن الكتاب هو الأول من نوعه؛ إذ أسهم فيه عشرون باحثًا من المؤرِّخين والصحافيين الذين غطُّوا، بل كانوا شهودًا على الحروب والنزاعات في عدَّة مناطق من العالم التي نشبت خلال العقود الأخيرة، ومن الخبراء بشئون الحرب والاستراتيجيَّات الدولية.
وكلُّ مسهمٍ يعود إلى الحديث عن حرب من الحروب العشرين التي عرفها قرن الدم، ذلك في عشرين فصلًا يتألَّف منها هذا الكتاب.
وفي كل فصل من الفصول يتعرَّض الكاتب لشرح ــللتذكيرــ بأسباب نشوب الحرب المعنية وجذورها البعيدة، والمراحل التي عرفتها، وكيفيَّة وضع نهايةٍ لها، والنتائج المباشرة والبعيدة التي ترتّبت عليها.
الحروب التي يُتعرَّض لها في فصول هذا الكتاب هي تلك التي يُنظر إليها على أنَّها «غيَّرت العالم». وفي مقدمتها الحربان العالميتان الأولى خلال سنوات «1914-1918م»، والثانية ما بين عام «1939-1945م».
ويرى الكاتب المؤرِّخ جان إيف لوناوور أنَّ الحرب العالمية الأولى كانت واقعةً لا محالة؛ ذلك أنَّ خبراء الاستراتيجيَّات والحكومات آنذاك اجتمع رأيهم على أنَّ حربًا قصيرة الأمد وحاسمةً كانت تُمثِّل وسيلةً وحيدةً للخلاص من مناخ الخوف الذي ساد خلال سنوات «1911 - 1913».
لكن يُتعرَّض في الكتاب لحروبٍ أقل شهرة من الحربين الكونيَّتين، وهي «مجهولة إلى حدٍّ كبير» من قِبَل أغلبيَّة البشر، لكنَّها كانت فاعلةً في مسار التاريخ الحديث مثل «الحرب الأهليَّة الروسيَّة»، خلال سنوات «1917-1921» التي انتهت بوصول فلاديمير إلى السلطة، وأدَّت إلى جعل النظام الروسي، الشيوعي، أكثر راديكالية، كما نقرأ. حروب وهناك فصل مكرَّس لـ«الحرب الصينية ـ اليابانية»، خلال سنوات «1932ـ 1945م» التي ترتَّب عليها احتلال اليابانيين قسمًا كبيرًا من الصين، حتى الهزيمة الكبيرة التي عرفتها اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية.
وفصل عن الغزو الروسي لأفغانستان، وبقاء القوات السوفييتية فيها منذ عام 1979م حتى خروجها منها عام 1989م، وحيث يصل صاحب الإسهامة إلى القول: إنَّ ذلك الغزو سرَّع في «سقوط الاتحاد السوفييتي».
وتحظى الحرب (العراقية - الإيرانية) التي نشبت في مطلع عقد الثمانينيات الماضي بأحد الفصول، التي تُعتبر بمنزلة الأسباب الجوهرية في زعزعة الاستقرار باستمرار بعدها في عموم منطقة الشرق الأوسط، كما تحظى حربا الخليج الأولى والثانية بفصلٍ لكلٍّ منهما، ودون نسيان الحرب الكورية.
كذلك يتم التعرُّض للعديد من الحروب والنزاعات التي شاركت فيها فرنسا، منذ أن كانت في «خطوط الجبهة الأولى» في الحرب العالمية الأولى عام 1914 حتى التدخل العسكري الفرنسي الأخير في مالي، ومرورًا بـ«الحروب الاستعمارية» في الهند الصينية، وخاصَّةً الحرب الطويلة التي خاضتها فرنسا في فيتنام.
وبالطبع تحظى حرب التحرير في الجزائر خلال سنوات «1954- 1962م» بعد استعمارٍ استمرَّ أكثر من 130 سنة بأحد فصول الكتاب.
التغوُّل في العنف وفي المحصلة، يتم من خلال العودة إلى الحروب الكبرى وتلك الأقل اتساعًا وشمولًا القيام بنوع من الربط بين التاريخ وأحداثه التي أصبحت تنتمي إلى الذاكرة وبين الواقع الراهن وأحداث اليوم.. ذلك أيضًا من خلال التركيز على القول إنه ينبغي فهم عالم الأمس من أجل فهم عالم اليوم، وذلك بالتحديد عبر أشكال التبدّل والتطوّر التي عرفتها الحروب، التي كانت منذ القدم بمنزلة «مرآة تعكس واقع المجتمعات، وحيث تتماشى الحداثة التكنولوجية مع تعمّق جذور العنف».
حدى الأفكار النهائية التي يُوصَل إليها مفادها أنَّ القرن العشرين كان حافلًا بالحروب، وكان عدد ضحاياها كبيرًا جدًّا، ثمَّ إنَّ حروب القرن الماضي شهدت نهاية «ساحات الحروب المغلقة» التي كانت تتجابه فيها الجيوش في ما بينها، ليُصبح المدنيُّون اليوم أحد الأهداف مع التغوُّل في العنف وتنوُّع ممارساته، بحيث غدا السكان الأبرياء من أوّل ضحاياه.
المؤلف في سطور
إيمانويل هشت، أحد المشرفين على هذا الكتاب الجماعي، هو مدير القسم الثقافي في مجلة «الإكسبريس» الأسبوعية الفرنسية.
وكان قد أسهم في الإشراف على كتاب «الأيام الأخيرة من حياة الطغاة». والمشرف الآخر هو بيير سيرفان، مؤرِّخ عسكري، وأحد الاختصاصيِّين الفرنسيِّين في الحروب والنزاعات المعاصرة، وسبق له أن قدَّم 10 كتب في عدادها كتابٌ شهيرٌ تحت عنوان «الحروب الحديثة».
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- جاسوس بريطاني أسلم بسبب الحجر الأسود
- نص خطاب جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة
- شكل سيدنا موسى عليه السلام كما رآه النبي في الإسراء والمعراج
- كيف نعيد أمجاد الأمة من جديد؟!
- أول مستشفى في العالم
التعليقات
إرسال تعليقك