ملخص المقال
المدرسة المستنصرية .. أقدم مدرسة في جامعة عند المسلمين
المدرسة المستنصرية من أقدم الجامعات الإسلامية التي درّست مختلف العلوم الدينية والحياتية، وأحد أبرز معالم بغداد التاريخية.
أنشأها الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور المستنصر بالله تولى الخلافة في رجب 623هـ الموافق يوليو 1226م فنهض بها أحسن نهوض، وكان عادلًا يريد أن يعيد للأمة بعضًا من أخلاقها التي اختفت.
كانت المدرسة المستنصرية واحدة من بين أكثر من ثلاثين مدرسة انتشرت في بغداد، قبل أن يغزوها التتار عام 656هـ / 1258م، ويحرقوا المدينة ويقتلوا علماءها ويدمروا مكتباتها.
وقد شرع المستنصر بالله العباسي في بناء المدرسة ببغداد على شط نهر دجلة سنة (625 هـ / 1227م)، وقام على بنائها أستاذ دار الخلافة محمد بن العلقمي، وبلغ ما أنفقه عليها 700 ألف دينار، وكان افتتاحها يوما مشهودا أقيم فيه احتفال كبير.
وتضم المدرسة سبع قاعات للدراسة، ومائة غرفة صغيرة لسكن الطلاب على طابقين، وتتوسط صحنها نافورة جميلة، فضلا عن حدائق صغيرة بباحتها وإيوانين؛ أحدهما شمالي وآخر جنوبي، وإيوان غربي كان مخصصا لدرس الطب والصيدلة ومعالجة المرضى.
وقد اهتمت المستنصرية بدراسة علوم القرآن والسنة، والفقه، والطب، والرياضيات، على نحو لم يسبق من قبل؛ فقد خصص الخليفة المستنصر لدراسة الفقه بناية خاصة، تدرس فيها المذاهب الفقهية الأربعة مجتمعة لأول مرة في تاريخ المدارس الإسلامية، وجعل للطب بناية خاصة، ثم أضاف إلى مدرستي الفقه والطب دارين أخريين: دارًا للقرآن ودارًا للسنة.
تعد المستنصرية أول مدرسة في جامعة في العالم القديم منظمة تنظيمًا دقيقًا، ولها مناهج ونظام دقيق، وهي تخصص لكبار الأساتذة أربعة من المساعدين ولكل أستاذ راتبا شهريًّا.
كما أن المستنصرية كانت أول جامعة في العالم تسمح للضرير بالتدريس، إذ كان الشيخ الخيلي عبد الرحمن بن عمر أول مدرس ضرير بها. وكان يتولى الإدارة ناظر يختار من بين كبار موظفي الدولة يعاونه مساعدون، يأتي في مقدمتهم المشرف أو المراقب المالي والكاتب والخازن، وعدد من المستخدمين يخدمون المدرسين والطلاب، ويعد عبد الرحمن التكريتي أول ناظر للمدرسة المستنصرية.
اختير للتدريس بالمستنصرية كبار أئمة العلم في الأمة الإسلامية ممن حصلوا على إسناد عال أو عرفوا بالبحث والدرس العميق، ويعاون هؤلاء المدرسين معيدون نابغون.
أما الطلاب فكانت المدرسة المستنصرية تشمل أقساما داخلية لهم، بل إنهم كانوا يحصلون على دينارين شهريًّا، إضافة إلى وجبات وملابس، وكان يتم اختيار الطلاب النابهين للدراسة فيها.
وكانت المدرسة المستنصرية مجهزة بما يعين الطلاب على الدرس، ويساعد الأساتذة على الشرح؛ فألحق بالمدرسة مكتبة عامرة أهداها الخليفة المستنصر إليها، وكانت تضم ثمانين ألف كتاب بالإضافة إلى ما حُمل عليها بعد ذلك، وضمت كذلك مستشفى يدرس فيه الطب؛ حيث تقترن الدراسة النظرية بالتطبيق العملي.
وقد أوقف الخليفة المستنصر علي مدرسته وقفًا كبيرًا؛ للإنفاق على القائمين عليها والملتحقين بها للدراسة؛ حتى لا تشغلهم أعباء الحياة عن مواصلة البحث ومتابعة التحصيل.
ظل التدريس قائما بالمستنصرية أربعة قرون منذ أن افتتحت سنة (631هـ / 1233م) حتى (1048هـ / 1638م)، وإن تخلل ذلك فترات انقطاع، فقد تأثرت المستنصرية بحملة هولاكو واجتياح تيمور لنك إلى أن توقفت الدراسة فيها؛ حيث اتخذت لأغراض أخرى.
للمزيد ..
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- قصة المـَثَل العربي الشهير .. «سَبَقَ السَّيْفُ العَذَلَ»
- حوار الصحابي ربعي بن عامر مع رستم قائد الفرس .. مشهد من ماضٍ مجيد
- نص خطاب جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة
- قصة الكرماء الثلاثة .. أجود أهل زمانهم!
- أعظم الفتوحات التي حدثت زمن الحجاج بن يوسف
التعليقات
إرسال تعليقك