شهدت جزيرة صقلية الإسلامية في الفترة (212 هـ / 827م - 483 هـ /1090م)، نهضة حضارية على المستوى الزراعي والصناعي.

ففي الجانب الزراعي أدخل المسلمون أساليب جديدة في الزراعة، وأنواعا ما عرفتها صقلية من قبل؛ فجاءوها بالليمون، والبرتقال، والقصب، والأرز، والنخيل، والقطن، والبردي، حتى نشأت في صقلية أساليب زراعية تلائم بيئتها.

وظهر في كتاب الفلاحة لأول مرة ما يسمى بطريقة صقلية في زراعة البصل أو القطن، أو طريقتهم الخاصة في عمل معنب من عصير العنب الحلو.

كما كانت بلرم (بالرمو Palermo) عاصمة صقلية وضواحيها عامرة بالبساتين، والحدائق، والطواحين، كذلك ذكر الرحالة المقدسي كثرة الفواكه والخيرات والأعناب في "بلرم" وضواحيها، وقد ترددت في الشعر العربي بساتين المعسكر ومتنزهاته ونافوراته الموجودة هناك.

وشملت النهضة أيضا الحياة الصناعية التي تقدمت كثيرا في العهد الإسلامي؛ حيث اعتمدت الصناعات على الحاصلات النباتية والحيوانية والمعدنية، فقامت صناعة السفن على الخشب والحديد، وكان القطن يزرع هناك ويصدر بكثرة إلى مصر وإفريقية والمغرب، كذلك كان الكتان الصقلي ذا شهرة واسعة في العالم الإسلامي.

ولا ننسى بجانب المنسوجات صناعات أخرى قائمة على المواد الحيوانية كالجلود، لشهرة "صقلية" بالمواشي، أما بالنسبة لتربية الخيول في الصقلية؛ فعندما دخل المسلمون "صقلية" دخلتها الخيول العربية وانتهت شهرة الخيول المحلية، كذلك جاء المسلمون بالجمال إليها والتي ما عرفتها من قبل.

كما كانت تعتمد صادراتها على مستخرجات الثروة المعدنية كالكبريت والزفت والقطران، وعلى ثروة الغابات الخاصة من جبل إتنا الذي يؤخذ منه الجوز والقسطل وخشب الأرزن، فضلا عن مستخرجات البحار والأنهار كسمك التونة والمرجان.

واستدعت النهضة الصناعية والزراعية تعدد الحرف في أيدي الصقليين؛ ففي بلرم العاصمة وحدها ذكر الرحالة ابن حوقل أصنافا كثيرة منها وأسواقها الخاصة بها، كسوق الزياتين والدقاقين، والصيارفة، والحدادين، وأسواق القمح، والطرازين، والسماكين، والقصابين، وباعة البقول، وأصحاب الفاكهة، والخبازين، والعطارين، والجزارين وغيرهم.

في النهاية نستطيع أن نقول إن صقلية أصبحت في فترة الحكم الإسلامي مركزا من المراكز الصناعية الكبرى لمنطقة حوض البحر المتوسط، ومحورا مهما للتجارة ما بين الشرق الإسلامي وشمال إفريقيا وجنوب أوربا.

للمزيد ..

موقع قصة الإسلام - المساجد والمعلمون في صقلية الإسلامية