ملخص المقال

وراء العصيّ الخشبية الغليظة "النبابيت" بمصر حكايات تروي وتجسد سير الفتوات في الحارات الشعبية القديمة، وتخلد أسماء أبطال قاوموا المحتلين المدججين بالأسلحة، وتفضح أعمال البلطجية الذين يزاولون ممارسات السيطرة والتهديد، كما انضمت العصي الغليظة إلى كادر العمل في الكثير من الأعمال الدرامية والروايات المصرية، لتلعب في بعضها دور البطولة ملتصقة بيد البطل.
لا يزال النبوت صديقًا ملازمًا للكثير من المصريين، ويعتبرونه أداة للدفاع عن حياتهم وقت الشدة، وسندًا في الكبر، ولم تختف النبابيت من مصر رغم اندثار الفتوات، وإنما استمرت لاعبة أدوارا جديدة في حياة المصريين ما بين حملها كسلاح للدفاع عن النفس، وحلولها أداة في فقرة استعراضية أمام العروسين خلال حفلات الزفاف، واحتفاظها بعرش الألعاب التقليدية في صعيد مصر.
في العصر المملوكي ظهرت الكثير من المخطوطات التي تظهر فنون التعامل مع العصى، حيث يؤكد المؤرخون أن مسمى " الفتوة " ظهر في عصر المماليك، فيما نصت القوانين في العصر الحديث وبالتحديد عام 1906م على تجريم حمل العصا واستخدامها في المشاجرات وغيرها واعتبارها من المحرمات في مصر.
نصت القوانين علي ضبط السلاح المستخدم، ومصادرته بل إعدامه في مخازن بولاق أمام مأمور قسم الشرطة، حين تم تأسيس أقسام الشرطة في مصر في بدايات القرن العشرين.
يقول الدكتور عبد الوهاب بكر، في كتابه "البوليس المصري" إنه تم تقسيم مدينة القاهرة في عهد محمد علي باشا إلى 8 أثمان، يسمى كل منها ثمنًا، وينقسم الثمن إلى شياخات، كما تنقسم الشياخة إلى حواري.
وكانت أثمان القاهرة هي: الموسوكي، الأزبكية، باب الشعرية، الجمالية، الدرب الأحمر، الخليفة، عابدين، السيدة، مصر العتيقة، بولاق، وهي الحارات القديمة التي ظهر فيها الفتوة التي مثلتها الروايات الأدبية والدراما التليفزيونية.
يؤكد سامح الزهار الخبير الأثري المتخصص في الآثار الإسلامية والعربية، إن متحف الفن الإسلامي يضم المخطوط المملوكي الذي يظهر تعلم الفروسية من خلال العصا، مؤكدًا أن المخطوط لم يتم تحقيقه حتى الآن من خلال المتخصصين لكونه ناقصًا إلا إنه يظهر برسومات وكتابات بارعة شكل التدريب على العصا في العصر المملوكي.
ويؤكد الزهار أنه في عصر الاحتلال البريطاني لمصر تم توجيه إهانات للفتوة كبير الحارة واعتباره مجرمًا وبلطجيًا، مما أحدث رد فعل من الفتوات ضد الاحتلال البريطاني، مضيفاً أن السياسة كانت قائمة على تجحيم دور الفتوة لذا وضع قانون البوليس القديم عام 1906م إعدام النبوت في بولاق وهي المنطقة التي خرج منها عدد من الفتوات.
يؤكد المؤرخون أنه في عصر محمد علي باشا وقبل الاحتلال البريطاني ل مصر كانت تتواجد الأسلحة النارية، التي اتخذت أشكالها النوع التقليدي "الششخانة"، أو السلاح "الغدار" الذي كان بطلقة نارية واحدة، بجانب العصا والنبوت الذي كان يستخدم في الحواري مع الفتوات الذين ظهروا في مصر قبل ظهور محمد علي باشا في الأحداث بمئات السنين.
في عام 1906م وهو الذي شهد قانون تجريم حمل العصا سمح القانون للعُمد، ومشايخ البلاد، وعُمد قبائل "العربان"، ومشايخ الفرق والنقط، والموظفين العموميين، وأعضاء مجلس شورى القوانين، وحائزي النياشين أو الرتب العالية العلمية أو الملكية أو العسكرية، لحمل "الششخانة" و"السلاح الناري" كما نصت القوانين في حينها على "عدم صرف الرخصة للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة" مع إعطائها للأشخاص الذين ينقبون عن النطرون بتصريح من الداخلية.
وأكد الزهار أن عالم الفتوات القديم الذي كان يعتمد على العصا أظهر شخصيات ذكية ووطنية منها: إبراهيم كرومر فتوة بولاق، بالإضافة لفهمي الفيشاوي وغيرهما الذين دون التاريخ المصري أسماءهم وأدوارهم.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- قصة الحلاق الذي تعلم منه أبو حنيفة النعمان .. من روائع القصص
- أسرة محمد علي باشا .. أربعة أنظمة للحكم في قرن ونصف!
- معنى كلمة لإيلاف قريش
- رسالة إلى شباب الأمة
- قصة وضع الحجر الأسود
التعليقات
إرسال تعليقك