ملخص المقال
قصة حصار بلجراد من أغرب القصص وأعجبها في تاريخ السلطان محمد الفاتح، فما تلك القصة وماذا تعرف عنها؟
في سنة 1456م= 860هـ خرج السلطان محمد الفاتح بجيشه متجهًا إلى الأراضي الصربية لفتح مدينة بلجراد، وكانت مدينة بلجراد في هذه الفترة تحت سيطرة المجريين، وكان يتولى الدفاع عنها الحاكم المجري هونيادي بحكم وصايته على ملك بلجراد الصغير الذي كان لا يزال في السادسة عشرة من عمره.
وصل محمد الفاتح إلى بلجراد وضرب الحصار حولها من البر والبحر معًا، ثم بدأ القصف المكثف على المدينة، وفي ظلام الليل نجح حوالي سبعمائة جندي عثماني في دخول المدينة من خلال بعض الثغرات المفتوحة في الأسوار، ولكن هونيادي أمر جنوده بالاختفاء تمامًا من أمام الجيش العثماني فاعتقد العثمانيون أنَّ المدينة سقطت.
فجأة أمر هونيادي فرقةً من جيشه بالانطلاق نحو الثغرات المفتوحة، وألقوا عليها أخشابًا، وقاموا بإشعال النيران فيها، وبذلك حِيلَ بين الجنود العثمانيين الذين دخلوا المدينة وبقيَّة الجيش العثماني خارج الأسوار، وعند هذه اللحظة خرج الجيش المجري من مخابئه، وقاموا بذبح كل أفرد الجيش العثماني داخل المدينة.
وفي اليوم التالي خرج من داخل المدينة عدد صغير من الفلاحين الذين كانوا بين أفراد الجيش المجري في اتجاه الجيش العثماني، ولم يلبث هذا العدد الصغير أن صار ألفًا ثم ثلاثة آلاف، ثم خمسة آلاف، وارتطم هؤلاء الفلاحين بمقدمة الجيش العثماني، وخلافًا لكل توقع أصابت الجيش العثماني حالة عجيبة من التسمُّر، ورعب كبير جعلهم ينهارون إزاء هذه الهجمة المباغتة.
ولم يقف الأمر عند حدوث هزيمة الصف الأول من الجيش العثماني، بل اخترق هؤلاء الفلاحون الصف الثاني والثالث حتى وصلوا إلى خيمة السلطان محمد الفاتح الذي نزل بنفسه إلى ساحة القتال، ولكن سرعان ما أُصيب في فخذه بسهم فسقط مغشيًّا عليه، فأحاط به الجنود وسحبوه فورًا خارج أرض المعركة، وأصيب الجيش العثماني بحالة من الهلع والفوضى وبدأ الجنود من فورهم في فرار غير منظم، وتركوا كل شيءٍ وراء ظهورهم، وفي مساء ذلك اليوم كان الجيش العثماني انسحب بكامله من حول أسوار بلجراد.
هذه هي قصَّة حصار بلجراد التي تُعد حلقة من حلقات الصدام بين المسلمين وأعدائهم؛ فالمألوف أنَّ النصر يأتي في أيَّام، وتأتي الهزيمة في أخرى، وهذه هي سُنَّة الله في أرضه. قال تعالى: ﴿وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾[1].
[1] للمزيد: دكتور راغب السرجاني: السلطان محمد الفاتح، مكتبة الصفا للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1441هـ= 2019م، 1/ 344- 363.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- اعرف نبيك .. 7 كتب لا غنى عنها في السيرة النبوية
- جاسوس بريطاني أسلم بسبب الحجر الأسود
- أين مكان عرش إبليس؟
- حج إبراهيم عليه السلام
- قصة الكرماء الثلاثة .. أجود أهل زمانهم!
التعليقات
إرسال تعليقك