ملخص المقال

لم تكن الغاية من الفتوحات الإسلامية هي ضم البلدان واستعمارها بل كانت غاياتها نبيلة شهد بها العدو والصديق
لا يريد الإسلام من نشر دعوته في أوساط المعمورة إلا رعاية مصالح البشر، والقضاء على الظلم والجهل والتأخر، ونشر النور والمدنية والتحضر.
كما أن الفتوحات الإسلامية لم تكن غايتها ضم البلدان إلى الوطن الإسلامي الكبير بقصد سلب أموال الأهالي، أو التسلط على ممتلكاتهم أو استغلال مواردهم الطبيعية وخيراتهم المعدنية أو الزراعية، أو إحراز الغنائم.
يدل على هذا كله كلمة عمر بن عبد العزيز -رحمه الله- الخالدة التي وجهها لبعض ولاته وهي: إن الله بعث محمدًا - صلى الله عليه وسلم- بالحق هاديًا ولم يبعثه جابيّا.
وقول ربعي بن عامر مبعوث سعد بن أبي وقاص إلى رستم قائد الفرس في وقعة القادسية: إنا لم نأتكم لطلب الدنيا، ووالله لإسلامكم أحبُّ إلينا من غنائمكم.
ويوضح حقيقة مقصد المسلمين من فتوحاتهم فضلا عما ذكرناه، قول عبادة بن الصامت للمقوقس عظيم القبط: إنما رغبتنا وهمّتنا في الله واتباع رضوانه، وليس غزونا لعدونا ممن حارب الله لرغبة في دنيا، ولا طلب للاستكثار منها، لأن نعيم الدنيا ليس بنعيم، ورخاءها ليس برخاء، إنما النعيم والرخاء في الآخرة.
والدارس للمعاهدات التي كان المسلمون يعقدونها مع أهل البلدان المفتوحة لا يجد أثرًا لقصد المنافع الاقتصادية، أو ما يسمونه بالحماية الاستعمارية اليوم.
ومن ذلك ما فعل أبو عبيدة بن الجراح حينما حشد الروم جموعهم على حدود الولايات الإسلامية ذات الأغلبية المسيحية، فكتب أبو عبيدة إلى كل والٍ ممن عيّنه في المدن التي صالح أهلها المسيحيين، يأمرهم أن يردوا على أهلها ما جمع منهم من الجزية[1].
وكتب إلى ولاته أن يقولوا لأهلها: إنما رددنا عليكم أموالكم؛ لأنه قد بلغنا ما جمع الأعداء لنا من الجموع، وإنكم اشترطتم علينا أن نمنعكم وإنا لا نقدر على ذلك، وقد رددنا عليكم ما أخذنا منكم، ونحن لكم على الشرط، وما كتبنا بيننا وبينكم إن نصرنا الله عليهم.
فلما قال ولاة المسلمين ذلك لأهل المدن المسيحيين وردوا عليهم الأموال التي جمعوها منهم.
قال أهل المدن لهم: نصركم الله عليهم (أي على الروم المسيحيين)، فلو انتصر الروم لن يردوا علينا شيئًا، وأخذوا كل شيء بقي لنا.
وهذا الموقف يدل دلالة واضحة على أن هذه الأقليات كانت في رضا ووفاء وإخلاص لحكم المسلمين.
وبهذا الزهد في الدنيا، والإخلاص في القتال، والتفاني في سبيل إعلاء كلمة الله؛ بذلك كله فُتحت للمسلمين جوانب الدنيا شرقًا وغربًا، وتمكنت لهم جوانب العزة والكرامة.
ولو كان قصدهم نفعًا ماديًّا اقتصاديا، لما تمت لهم هذه الفتوحات بسرعة خاطفة لا مثيل لها في التاريخ.
[divider]
[1] قدر صغير جدا من المال يفرض على أهل المدن المفتوحة مقابل حمايتهم ورعايتهم ويسقط هذا القدر من على المرأة والطفل والراهب وذي العاهة والإعاقة والعاطل
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- أصغر خمس دول في العالم .. تعرف عليها
- قصة الأبرص والأقرع والأعمى
- قصة إسلام الصحابي الذي اهتز لموته عرش الرحمن
- كم مرة أشار فيها القرآن لأرض الشام؟
- هل كان البطل عيسى العوام نصرانيا؟
التعليقات
إرسال تعليقك