ملخص المقال

حمزة بن عبد المطلب سيد الشهداء وأسد الله ..كان إسلامه من أجلِّ الأحداث في مكة؛ حيث غيَّر مسار الدعوة تمامًا..
إنَّ أول ما يخطر ببالنا عند مراجعة ظروف إسلام أسد الله حمزة رضي الله عنه هي الآية الكريمة: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: 56]، فلا شكَّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كلَّم أهل مكَّة جميعًا، لكن شاء الله عزَّ وجلَّ أن يُؤَخِّر إسلام حمزة، ولعلَّ العلَّة من ذلك هي حفظ دماء المسلمين في هذه المرحلة الحرجة، التي تَعَرَّض فيها فريقٌ من المؤمنين للتعذيب، وتعرَّض فريقٌ آخر لترك الديار.
وكعادته خرج حمزة بن عبد المطلب إلى الصيد، وأثناء غيابه في رحلة صيده، مرَّ أبو جهل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند جبل الصفا وحيدًا، فما كان منه إلَّا أن تطاول عليه بلسانه.
ولقد سخَّر الله عز وجل امرأة كافرة، وكانت أمَةً لعبد الله بن جدعان، فسمعت ذلك الذي حدث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي جهل، ثم تزامن ذلك مع عودة حمزة من صيده، فوقفت الجارية تحكي له ما حدث.
بعد سماع كلام الجارية انطلق حمزة -وهو الذي ما زال على دين قومه- إلى أبي جهل، حيث يجلس بين أصحابه في البيت الحرام، فأقبل حمزة نحوه، ثم رفع قوسه، وهوى به على رأس أبي جهل، في ضربةٍ شديدةٍ، شُجَّت على أثرها رأسه، وسالت منها الدماء!
ولقد كان مثل هذا الردِّ في عرف الناس كافيًا لأن يشفي الغليل؛ لكنَّ حمزة ما زال ثائرًا، لم يُشْفَ غليله!
ففكَّر حمزة في أشدِّ ما يغيظ أبا جهل، وفي نفسه عَلِمَ أنَّه الدين الجديد، إنَّه الإسلام، وعلى الفور، ودون سابق تفكير، أعلن حمزة إسلامه أمام القوم جميعًا!
انطلق هذا الإعلان من فم حمزة فوقع كالقذيفة على قلب أبي جهل، ولم يستطع بعدها أن يُحَرِّك ساكنًا، حينها قام رجالٌ من بني مخزوم يُريدون أن ينتصروا لأبي جهل؛ لكنَّه منعهم من ذلك؛ وقال: دَعُوا أَبَا عُمَارَةَ، لَقَدْ سَبَبْتُ ابْنَ أَخِيهِ سَبًّا قَبِيحًا.
بعد كلمة حمزة الكيديَّة السابقة لأبي جهل، وكرجلٍ صادقٍ مع نفسه ومع مجتمعه، لا يستطيع أن يرجع في كلمته، وفي الوقت ذاته لا يستطيع أن يدخل في دعوةٍ لا يُؤمن بها حقًّا؛ لذا فقد عاد حمزة رضي الله عنه إلى بيته وهو في صراعٍ شديدٍ مع نفسه.
ولأنَّ الله عز وجل يُريد به خيرًا فقد هداه إلى أن يذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده صلى الله عليه وسلم صرَّح حمزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنَّه لم يُعلن إسلامه عن قناعة؛ إنَّما أعلنه حميةً لابن أخيه.
وهنا أقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدَّثه بما كان يُحَدِّثه به من قبلُ، وذكَّره بما كان يُذَكِّره إياه؛ فقال حمزة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبيقينٍ صادقٍ من قلبه: أَشْهَدُ إِنَّكَ لَصَادِقٌ شَهَادَةَ الصِّدْقِ، فَأَظْهِرْ يَا ابْنَ أَخِي دِينَكَ، فَوَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ لِي مَا أَلْمَعَتِ الشَّمْسُ -يقصد الذهب والفضة- وَإِنِّي عَلَى دِينِي الأَوَّلِ.
هكذا وفي لحظةٍ واحدةٍ أصبحت الدنيا، كلُّ الدنيا، لا تُساوي شيئًا في مقابل الإسلام، ومن بعدها أصبح حمزة رضي الله عنه أسدَ الله.
للمزيد ..
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- قصة الإمام مالك مع أبي جعفر المنصور
- ألقاب أم المؤمنين عائشة
- شكل سيدنا موسى عليه السلام كما رآه النبي في الإسراء والمعراج
- جملة قالها المسلمون كانت سببا في ضياع الأندلس
- حدث في 9 رمضان .. فتح صقلية بقيادة أسد بن الفرات
التعليقات
إرسال تعليقك