ملخص المقال
هل تصدق؟! 180 جنديًّا فقط دمروا أكبر إمبراطوريات أمريكا.. فكيف كان ذلك؟
الإنكا .. الإمبراطورية الأمريكية العريقة
أسَّس شعب الإنكا (Inca) واحدةً من أهمِّ الإمبراطوريَّات في تاريخ القارَّة الأميركيَّة بأعالي جبال الأنديز (Andes)؛ حيث بلغ عدد سكانها في قمة قوَّتها 12 مليون نسمة.
وعلى الرغم من عدم امتلاكهم لنظام كتابة واضح، فقد برع الإنكا في مجالات عديدة؛ كالفلاحة، والأشغال العامَّة، والإدارة.
وقد عرف القرن السادس عشر نهاية «حضارة الإنكا» بعد مضي حوالي ثلاثة قرون على نشأتها، وفي عهد آخر أباطرتها المعروف بأتاوالبا (Atahuallpa)، شهدت البلاد حربًا أهليَّة انتهت بانتصار الأخير على شقيقه، وقد تزامن ذلك مع حلول المستكشف والكونكيستدور الإسباني "فرانسيسكو بيزارو" (Francisco Pizarro) بالمنطقة رفقة 180 من جنوده.
أطماع الأوروبيين وتدمير الحضارات
وقد عُرِف عن "فرانسيسكو بيزارو" -المولود عقب علاقة غير شرعيَّة والمنحدر من وسط فقير بإسبانيا- أنَّه رافق عددًا من كبار المستكشفين مثل "فاسكو نونييث دي بالبوا" خلال رحلاتهم نحو العالم الجديد، وكان شاهدًا على اكتشاف المحيط الهادئ سنة 1513م.
وفي عام 1524م كوَّن "بيزارو" تحالفًا مع مواطنه "دييغو دي ألماغرو" وأبحر انطلاقًا من بنما تجاه جنوب السواحل الغربية للقارَّة الأميركيَّة.
وبعد مغامرة أولى قادته نحو الإكوادور، سمع "فرانسيسكو بيزارو" بحضارةٍ أخرى تُدعى "الإنكا" بأرضٍ أطلق عليها لاحقًا اسم "البيرو"، فاتَّجه نحو ملك إسبانيا "شارلكان" بحثًا عن الدعم لقيادة حملةٍ عسكريَّةٍ للسيطرة على أراضي الإنكا، وتوسيع ممتلكات الإمبراطوريَّة الإسبانيَّة.
وأمام هذا العرض المغري وافق شارلكان على دعم بيزارو أملًا في الحصول على مزيدٍ من الذهب عقب نجاح حملة "هرنان كورتيس" ضدَّ "الأزتك" خلال السنوات السابقة.
وفي عام 1531م أبحر بيزارو ورجاله نحو البيرو، ونزلوا بمنطقة تمبيس قبل أن يصعدوا نحو أعالي جبال الأنديز خلال شهر نوفمبر 1532م، ليحلُّوا بمدينة "كاخاماركا".
وهناك وجَّه الكونكيستدور الإسباني لنظيره إمبراطور الإنكا أتاوالبا -الذي انتصر لتوِّه على شقيقه بالحرب الأهلية- دعوةً لحضور عشاءٍ على شرفه.
قَبِل أتاوالبا عرض بيزارو على العشاء، ولكنه رفض عرضه بتسليم أرضه وملكه للإسبان؛ حيث آمن إمبراطور الإنكا "أتاوالبا" بقدرة جيشه ذي الـ30 ألف عنصر على سحق قوَّات الإسبان التي بلغ تعدادها 180 جنديًّا فقط وقت الضرورة، وتجاهل في المقابل التقدُّم التكنولوجي للأوروبِّيِّين؛ الذين امتلكوا المدافع والبنادق بالإضافة إلى إمكانيَّة وقوف عددٍ من قبائل السكان الأصليِّين إلى جانبهم لتسهيل مهمَّة القضاء على الإنكا.
وفي يوم 16 نوفمبر 1532م حلَّ "أتاوالبا" رفقة الآلاف من جنوده لملاقاة بيزارو، الذي أعدَّ له كمينًا محكمًا.
وفي البداية تقدَّم راهبٌ إسبانيٌّ من أتاوالبا، وطلب منه اعتناق المسيحيَّة والقبول بوصاية التاج الإسباني.
وأمام هذا المقترح الغريب، أقدم إمبراطور الإنكا على إلقاء كتاب الإنجيل الذي قُدِّم إليه أرضًا؛ معبِّرًا عن غضبه الشديد من تصرُّفات الإسبان.
وحال مشاهدته لذلك أمر فرانسيسكو بيزارو قوَّاته بفتح نيران مدفعيَّتها، ليبدأ الهجوم الإسباني الذي أسفر عن مقتل الآلاف من الإنكا وأسر الملك أتاوالبا.
أكبر فدية في التاريخ
وفي سبيل إطلاق سراحه عرض أتاوالبا على الإسبان غرفةً مليئةً بالذهب، ومع موافقة بيزارو جلب إمبراطور الإنكا ما يُعادل 24 طنًّا من الذهب، ضِمْن ما اعتبره المؤرِّخون أكبر فديةٍ عرفها التاريخ.
وبدلًا من الوفاء بوعدهم فضَّل الإسبان محاكمة أتاوالبا، ووجَّهوا له تهمًا خطرةً؛ كالتآمر على التاج الإسباني، وقتل شقيقه، ليصدر في حقِّه لاحقًا حكمٌ بالإعدام.
وعلى منصة الإعدام يوم 29 أغسطس 1533م، خيَّر الإسبان الإمبراطور أتاوالبا بين الموت حرقًا، أو اعتناق المسيحيَّة والموت خنقًا.
وأمام هذا الخيار الصعب، فضَّل أتاوالبا اعتناق المسيحيَّة والموت خنقًا بالحبل؛ أملًا في أن يُحنِّط شعبه جثته لتقديسها.
ومع زوال عقبة أتاوالبا وحصوله على دعمٍ إسباني، زحف بيزارو على كوزكو -عاصمة الإنكا- وسيطر عليها خلال شهر نوفمبر 1533م قبل أن يُؤسِّس مدينة ليما -العاصمة الحاليَّة للبيرو- على الساحل الشرقي للمنطقة سنة 1535م.
المصدر: موقع العربية.
التعليقات
إرسال تعليقك