كان لعقيل بن أبي طالب مكانة كبيرة عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ فعن أبي إسحاق أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعقيل بن أبي طالب: «يَا أَبَا يَزِيدَ، إِنِّي أُحِبُّكَ حُبَّيْنِ حُبًّا لِقَرَابَتِكَ مِنِّي، وَحُبًّا لَمَّا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ حُبِّ عَمِّي إِيَّاكَ».

نسب عقيل بن أبي طالب

عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي [1]، القرشي الهاشمي [2]، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم [3]، وأخو عليي وجعفر رضي الله عنهما لأبيهم وهو أكبرهما [4]، يُكنَّى أبو يزيد [5]، وقيل: أبو عيسى [6]، وأمُّه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي [7].
 

إسلام عقيل بن أبي طالب وجهاده

 شهد عقيل ضي الله عنه قبل إسلامه غزوة بدر مع المشركين مُكْرَهًا، وقد أُسِر يومئذٍ ففداه عمُّه العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه [8]، ثم رجع عقيل إلى مكة [9]، وأسلم قبل صلح الحديبية[10]، ولم يزل بمكة حتى خرج إلى المدينة مهاجرًا في سنة ثمان من الهجرة وشهد غزوة مؤتة ثم رجع فعرض له مرضٌ فلم يسمع له بذكرٍ في فتح مكة ولا الطائف ولا خيبر ولا حنين [11]، وقيل: إنَّه ممَّن ثبت يوم حنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم [12].
 

علم عقيل بن أبي طالب

 كان عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه فصيح اللسان، شديد الجواب [13]، وأنسب قريشٍ وأعلمهم بأيَّامها، ولكنَّه كان مبغَّضًا إليها لأنَّه كان يعُدُّ مساوئهم، وكان يجتمع الناس إليه في مسجد المدينة يأخذون عنه علم النسب وأيَّام العرب، كما كان أسرع الناس جوابًا وأحضرهم مراجعةً في القول وأبلغهم في ذلك [14].
 
فعن ابن عباس رضي الله عنه قال: «كان في قريش أربعةٌ يُتحاكم إليهم ويُوقَف عند قولهم في علم النسب: (عقيل بن أبي طالب، ومخرمة بن نوفل الزهري، وأبو جهم بن حذيفة العدوي، وحويطب بن عبد العزى العامري) [15]، وكان عقيل أكثرهم ذكرًا لمثالب قريش، فعادوه لذلك، وقالوا فيه بالباطل، ونسبوه إلى الحمق، واختلقوا عليه أحاديث مزوَّرة» [16].
 

مكانة عقيل بن أبي طالب عند النبي وروايته للحديث

روى عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه بعض الأحاديث عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وقد روى عنه ابنه محمد، وابن ابنه عبد الله بن محمد بن عقيل، وموسى بن طلحة، والحسن البصرى [17]، وروى له النسائي وابن ماجه [18].
 
وكان لعقيل بن أبي طالب مكانةٌ كبيرةٌ عند النبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن أبي إسحاق أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعقيل بن أبي طالب: «يَا أَبَا يَزِيدَ، إِنِّي أُحِبُّكَ حُبَّيْنِ حُبًّا لِقَرَابَتِكَ مِنِّي، وَحُبًّا لَمَّا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ حُبِّ عَمِّي إِيَّاكَ» [19].
 

وفاة عقيل بن أبي طالب

تُوفِّي عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه، بعد ما عَمِيَ في أواخر أيَّامه في خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه [20]، وهو في حدود الخمسين من عمره[21]، وقيل: تُوفِّي في أوَّل أيَّام يزيد بن معاوية رحمه الله تعالى[22]، وله دارٌ بالبقيع واسعةٌ كثيرة الأهل والجماعة[23]، وكان له في حلب وأطرافها جماعةٌ ينتسبون إليه يُعرفون ببني عقيل[24].
 

[1] ابن سعد: الطبقات الكبرى، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1410هـ= 1990م، 4/ 31.
[2] أبي حاتم: الجرح والتعديل، 6/ 218، وابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، تحقيق: علي محمد البجاوي، دار الجيل، بيروت
الطبعة الأولى، 1412هـ= 1992م، 3/ 1078.
[3] الدار قطني: المؤتلف والمختلف، تحقيق: موفق بن عبد الله بن عبد القادر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، الطبعة الأولى، 1406هـ= 1986م، 3/ 1575، وابن الأثير: أسد الغابة، تحقيق: علي محمد معوض، عادل أحمد عبد الموجود، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، 1415هـ= 1994م، 4/ 61.
[4] ابن الأثير: أسد الغابة، 4/ 61، والنووي: تهذيب الأسماء واللغات، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 1/ 337.
[5] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 4/ 31، وابن حبان: الثقات، دائرة المعارف العثمانية، حيدر آباد، الدكن، الهند، الطبعة الأولى، 1393ه‍= 1973م، 3/ 259.
[6] النووي: تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 337، والذهبي: تاريخ الإسلام، تحقق: بشار عواد معروف، دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى، 2003م، 2/ 422.
[7] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 4/ 31، وابن عساكر: تاريخ دمشق، تحقيق: عمرو بن غرامة العمروي، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1415هـ= 1995م، 41/ 9.
[8] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 4/ 32، وابن الأثير: أسد الغابة، 4/ 61.
[9] ابن عساكر: تاريخ دمشق، 41/ 9.
[10] ابن الأثير: أسد الغابة، 4/ 61، وابن حجر: تهذيب التهذيب، مطبعة دائرة المعارف النظامية، الهند، الطبعة الأولى، 1326هـ، 7/ 254.
[11] ابن عساكر: تاريخ دمشق، 41/ 9، وابن الأثير: أسد الغابة، 4/ 61.
[12] ابن الأثير: أسد الغابة، 4/ 61.
[13] الزركلي: الأعلام، دار العلم للملايين، الطبعة الخامسة عشر، 2002م، 4/ 242.
[14] ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 3/ 1078، وابن الأثير: أسد الغابة، 4/ 61.
[15] ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 3/ 1079، وسبط ابن الجوزي: مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، دار الرسالة العالمية، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى، 1434هـ= 2013م، 7/ 196.
[16] ابن عبد البر: الاستيعاب في معرفة الأصحاب، 3/ 1079، التقي الفاسي: العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين، تحقيق: محمد عبد القادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، الطبعة الأولى، 1998م، 5/ 224.
[17] النووي: تهذيب الأسماء واللغات، 1/ 337، والذهبي: سير أعلام النبلاء، مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط
مؤسسة الرسالة، الطبعة الثالثة، 1405هـ= 1985م، 3/ 99.
[18] صلاح الصفدي: نكث الهميان في نكت العميان،دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1428هـ= 2007م، ص184.
[19] الحاكم في المسترك (6464)، وقال: سكت عنه الذهبي في التلخيص، والمعجم الكبير للطبراني (14198).
[20] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 4/ 33، وقتيبة الدينوري: المعارف، تحقيق: ثروت عكاشة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، الطبعة الثانية، 1992م، 1/ 204.
[21] صلاح الصفدي: نكث الهميان في نكت العميان، ص184.
[22] الزركلي: الأعلام، 4/ 242.
[23] ابن سعد: الطبقات الكبرى، 4/ 33، وقتيبة الدينوري: المعارف، تحقيق: ثروت عكاشة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، الطبعة الثانية، 1992م، 1/ 204.
[24] الزركلي: الأعلام، 4/ 242.