ملخص المقال
تظهر براعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحنكته القيادية في مواقف كثيرة جدًّا منها ذلك الموقف في غزوة حنين وحصار الطائف..
قرَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى وادي حنين للقاء هوزان وثقيف، فجعل على المقدمة خالد بن الوليد رضي الله عنه، وسار مع كتلة الجيش الأساسية مع صحابته الكرام رضوان الله عليهم.
وقبل بزوغ الصبح، اقتحم خالد رضي الله عنه منحدر الشِّعْب، وكانت هوزان وثقيف قد كمنوا بالوادي ثم انقضُّوا على المقدِّمة التي لم تكن استعدَّت بعد للقتال، وبعد دقائق من الاشتباك ولَّت المقدمة الأدبار عائدةً باتجاه مدخل الوادي حيث كانت كتلة الجيش الرئيسة لا زالت تدخله، إلَّا أنَّ سرعة الانسحاب سدَّت الطريق على الجيش المتقدِّم، وتسبَّبت في تراجع كتلة الجيش إلى الوراء.
وأمام هذه المفاجأة وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في محاولةٍ لإيقاف هذا التراجع الكبير، وقال صلى الله عليه وسلم: «إِلَى أَيْنَ أَيُّهَا النَّاسُ، أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِب، أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِب» [1]، فاجتمع لديه مائةٌ من أصحابه الصادقين استطاعوا إيقاق تقدُّم العدوِّ حتى عاد باقي المسلمون، ومِنْ ثَمَّ تحقَّق النصر.
ثم تابع رسول الله صلى الله عليه وسلم الفارِّين إلى الطائف وضرب عليهم الحصار، وكانت الطائف حصينةً جدًّا، ولمـَّا علم صلى الله عليه وسلم أنَّ مالك بن عوف ملتجئٌ إليها، أرسل إليه أنَّه: «أَخْبِرُوا مَالِكًا أَنَّهُ إِنْ يَأْتِنِي مُسْلِمًا رَدَدْتُ إِلَيْهِ أَهْلَهُ وَمَالَهُ وَأَعْطَيْتُهُ مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ» [2].
فلمَّا علم مالك بهذا العفو جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانطلق يُغِير على الطائف حتى جاء وفدٌ منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمين مؤمنين.
وهكذا استطاع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحنكة والحكمة فرط عقد هوزان وثقيف وأحلافهم، وانضمُّوا تحت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلمين مؤمنين.
* المصدر: العماد حسن توركماني: الدهاء في الحرب، دار الفكر، لبنان، ص94، 95. (بتصرف).
[1] متفقٌ عليه.
[2] الطبراني: المعجم الكبير 302/19.
التعليقات
إرسال تعليقك