ملخص المقال
اقتصرت الكتابات التاريخية عن الرومان على حملاتهم العسكرية وسيطرتهم الكبيرة على مناطق شاسعة من العالم بجانب بعض الإسهامات الحضارية التي اخترعوها مثل
اقتصرت الكتابات التاريخية عن الرومان على حملاتهم العسكرية وسيطرتهم الكبيرة على مناطق شاسعة من العالم بجانب بعض الإسهامات الحضارية التي اخترعوها مثل التدفئة الأرضية وتطوير شبكة طرق واسعة النطاق، ولكن هناك بعض الأشياء التي لا تعرفها عنهم ومنها: ما هي اللغة التي كانوا يتحدثون بها؟ وكيف كان يُعامل العبيد في عهد الإمبراطورية الرومانية؟ وهل كان المصارع الروماني في روما القديمة هو كما صورته الأفلام والروايات الحديثة؟
في هذا المقال سنتحدث عن عشرة أشياء ربَّما تكون حديثة المعرفة لديك حول الرومان.
1- لم يكن القتال والمصارعة هو أكثر أوقات الترفيه لدى الرومان
أعطت سِعة المقاعد وعددها في الأماكن الرومانية المـُكتشَفة مؤشِّرًا وانطباعًا كبيرًا حول شعبية العروض المختلفة التي كانت تُعرض في ساحات روما، مثل "ساحة الكولوسيوم"، أو كما عُرفت في العصور القديمة بـ"المدرج الفلافي"، والتي كانت تستوعب -حسب تقدير العلماء- حوالي (50000) شخص، وفي بعض التقديرات وصلت إلى (87000) شخص.
ولكن تلك السَّاحات لم تكن خاصَّةً بالمصارعة فقط؛ فهناك العديد من الأنشطة في السَّاحات التي شهِدت حضور أعدادٍ أكثر من ذلك بكثير، ومن أشهرهم سيرك ماكسيموس الذي كان يتَّسع لحوالي (250000) شخصٍ لمشاهدة سباق عجلات الخيول الذي ذاع صيته كأكبر الأعمال الترفيهيَّة في روما.
وجاءت عروض البانتوميم (ما يُشبه الباليه في عصرنا الحديث) كثالث العروض انتشارًا في روما من حيث المتابعة، مثل عروض مسرح مارسيلوس والذي كان يشاهده حوالي (20500) شخصٍ وهو الأقل من حيث المتابعة.
2- لم يستخدم العبيد في العمل بالتجديف في السفن الحربيَّة الرومانية
نشاهد في أغلب الأفلام والروايات مثل (السيوف والصنادل) أنَّ التجديف في أغلب السفن الحربية الرومانية يقوم به عبيدٌ مقيَّدون بالسلاسلِ يعملون تحت وطأة سوطِ مراقبهم في السفينة..
كلُّ تلك المشاهد قد عفى عليها الزمن في تصديقها، لقد كان لدى الرومان -مثل الإغريق- أيدولوجيَّةٌ يمكن تسميتها بـ"العسكرة المدنية"؛ وتعني أنَّه إذا كنت مواطنًا رومانيًّا حقًّا وتتمتَّع بكافَّة حقوق المواطنة في روما فمن واجبك الأول أن تُقاتل من أجل دولتك وأُمَّتك، وإذا قاتلت من أجلها فإنَّه يحقُّ لك التمتُّع بكافَّة الحقوق السياسية في الإمبراطورية..
وقد استُبعد العبيد بشكلٍ كبيرٍ من التجديف في السفن الحربية الرومانية، إلَّا في أضيق الحدود وفي أوقاتٍ استثنائيةٍ كان يتمُّ قبولهم للعمل في القوات المسلَّحة البحرية، ومن أجل قبولهم؛ إمَّا أن يُحرَّروا من العبودية أولًا، أو تُقدَّم إليهم الوعود بتحريرهم إذا أبلوا بلاءً حسنًا في المعركة.
3- لم يمت أغلب الرومان وهم صغار
كان مُتوسِّط العمر لدى الرومان -على الرغم من أنَّ جميع هذه الأرقام غير مؤكَّدة- يبلغ حوالي (25) عامًا فقط، ولكن لم يعني ذلك أنَّه لم يعش الرومان عمر الثلاثينيات أو عمر الشيخوخة؛ ففي الوقت الذي زادت فيه نسبة وفاة النساء أثناء الولادة ومثلها في نسبة معدَّل وفيات الأطفال الرضَّع، إلَّا أنَّ الروماني الذي تجاوز مرحلة النُّضج كان على الأرجح يتراوَح عمره بين فترةٍ تُشبه أعمار العالَم الغربي الحديث.
4- اختلاف ساعة الصيف عن ساعة الشتاء عند الرومان
كما هو الحال لدينا؛ قَسَّم الرومان اليوم إلى 24 ساعة، ولكن لم يشبهونا في عدد ساعات العمل، فقد عاش الرومان 12 ساعةً في النهار و12 ساعةً في الظلام، وكانت ساعة الصيف عندهم أطول من ساعة الشتاء.
5- لم يكن كل الرومان يتحدثون اللاتينية
حكمت الإمبراطورية الرومانية التي امتدَّت رُقعتها من المحيط الأطلسي غربًا وحتى نهر دجلة شرقًا حوالي (56) مليون نسمة، وفي الوقت الذي كانت فيه اللغة اللاتينية هي لغة الجيش والقانون الروماني؛ استمرَّت بعض الشعوب التي خضعت للرومان -وخاصَّةً في الريف- محافِظةً على لغتها الأم بدلًا من لغة الإمبراطورية الرسمية.
ولذا نجد بعض المتغيِّرات اللغوية من بعض اللغات الأخرى غير اللاتينية، مثل لغة السيلتك والسريان ولغاتٍ أكثر غموضًا كلُغاتِ الكابادوكية (اليونانيون الكبادوكيون أو ببساطة الكابادوكيين هم مجتمعٌ يوناني من السكان الأصليين في المنطقة الجغرافية كبادوكيا الواقعة في وسط شرق الأناضول)، ولغة التراقيون (التراقيون كانوا شعوبًا هندوأوروبية، تسكن في تراقيا والأراضي المجاورة) وغيرها من اللغات.
أمَّا النخبة في العصر الروماني فقد كانوا مزدوجي اللغة؛ فبالنسبة إليهم كانت معرفة اللغة اليونانية دليلًا على علوِّ المكانة (كما كان الحال للغة الفرنسية لدى الأرستقراطيين في جميع أنحاء أوروبا خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر)، ثم اعتمد الرومان على اللغة اليونانية بشكلٍ أكثر، وخاصَّةً لأعضاء مجلس الشيوخ الروماني بعد اغتيال يوليوس قيصر.
6- الكثير من الرومان لا يحبون الفلسفة
نبَغ العديد من الفلاسفة الرومان في عهد الإمبراطورية وكان لهم آراءٌ فلسفيةٌ عديدة، مثل "لوكيوس سينيكا" و"ماركوس أوريليوس"، وعلى الرغم من ذلك كان الكثير من الرومان مُعادين للفلسفة استنادًا إلى سببين هما:
أولًا: أنَّ الفلسفة تُمثِّل اختراعًا يونانيًّا في الوقت الذي كانت فيه العلاقة بين الرومان واليونان لا تسير على وتيرةٍ واحدةٍ من صفاء العلاقات وتوترها بين الحين والآخر، لذا نكَرها بعض الرومان.
وثانيًا: أنَّ الهدف من الفلسفة في الأساس كان مخاطبة المكنونات الداخلية للإنسان، ومن وجهة نظر الرومان لا يناسب هذا الهدف طبيعة الروماني الأصيل الذي يحيا فقط لأجل أُمَّته ووطنه والالتزام بحياةٍ لا تعرف سوى تحقيق هذا الهدف.
وقد ظلَّت تلك النظرة الرومانية إلى الفلسفة وقتًا طويلًا، حتى إنَّ طبيب الإمبراطورية الرومانية جالين لاحظ أنَّ قيمة الفلسفة عند الرومان تقلُّ أهميَّةً عن حفر ثقوبٍ صغيرةٍ في الأرض لبذر الحبوب بداخلها.
7- القيود الرومانية على العلاقات الجنسية
قال الباحث الفرنسي الكبير "بول فاين": إنَّ الرومان كانوا عاجزين عن أداء مهامِّهم الجنسية بالشكل الطبيعي، وعلى الرغم من استبعاد أخذ هذه الفكرة عن الرومان أجمع، وحسَب المصادر الاجتماعية؛ كانت هناك قيودٌ صارمةٌ على ذلك السلوك الاجتماعي المرتبط بفكرة القيام بالجنس.
فعلى سبيل المثال؛ كان على الزوجة التي تتمتَّع بقدرٍ كبيرٍ من الحياء والتواضع ألَّا تسمح لزوجها أن يراها دون ملابس بعد ليلة الزفاف، لذا لم يكن من المثير للدهشة أنَّ عدد المواطنين الرومان الذين اعتنقوا آراء بعض الفلاسفة التي تُجبر الرجل على عدم ممارسة الجنس مع أيِّ امرأةٍ أخرى باستثناء زوجته وحتى جواريه كانوا قليلي العدد جدًّا.
8- نادرًا ما اشترك جنرالات الرومان في القتال
على الرغم من حِرص كبار قوَّاد الرومان على تصوير أنفسهم في مواقف بطوليَّة وعسكريَّة مهيبة؛ فإنَّهم في الحقيقة كانوا مخطِّطي الحرب وليسوا محارِبين بشكلٍ فِعلي، وفي حالاتٍ استثنائيَّةٍ قليلةٍ كانت تُجبرهم المعركة على النزول إلى ساحة الحرب واستلال سيوفهم، كعدم سيطرة جيشه على مجريات المعركة أو لهدفٍ شخصيٍّ ذاتي، يَكمن في ذلك الشرف الذي سينوله إذا مات على يد عدوِّه، وحتى "ماكسيمينوس ثراكس" الإمبراطور المشهور بحملاته العسكرية (حكم بين عامي 225- 238م) لم يكن دائمًا مشترِكًا على الخطِّ الأول في المعركة كمُحارب.
9- اعتاد الأباطرة الرومان تناول السم يوميًّا
منذ نهاية القرن الأول الميلادي، تبنَّى الأباطرة الرومان عادةً يوميَّةً بتناول كميَّةٍ صغيرةٍ من أنواعٍ معروفةٍ من السموم لمحاولة كسب المناعة، ومن هذه السموم خلطةٌ عُرفت باسم "Mithridatium" نسبةً إلى الملك ميثراداتس السادس أو العظيم ملك البنطس (حكم بين عامي 120- 65 ق.م)، وهي عبارةٌ عن خليطٍ من قرن الخيل أو الحمير ذات القرن الواحد يوضع في وعاءٍ واحد، وكانت تلك الخلطة تمثِّل ترياقًا لبعض السموم القاتلة.
10- رأى الرومان أنَّ هناك أسبابًا وجيهة لاضطهادهم للمسيحيين
اعتقد الرومان أنّ إمبراطوريتهم وعلاقتهم بالمسيحيين استندت إلى فكرةٍ تدعى بـ”Pax Deorum”، وتتلخص في أنَّ الآلهة الوثنية تُساعد روما على تحقيق قوَّتها ما دام الرومان يعملون تحت إمرتها بشكلٍ صحيح.
وعلى الجانب الآخر، لم يعترف المسيحيون بتلك الآلهة أو نعتوها بالشياطين الشريرة، لذلك اعتقد الرومان أنَّهم إذا سمحوا للمسيحيين بأداء شعائرهم أو نشر عقيدتهم فإنّ آلهتهم الوثنية ستصبّ غضبها عليهم وعلى روما التي ستفشل في تحقيق مصالحها نتيجة هذا الغضب..
وفي بعض الأحيان اعتاد بعض الرومان أثناء اضطهادهم للمسيحيين أن يُعطوهم فرصةً أخيرةً للاعتراف بسلطة تلك الآلهة التقليدية قبل وفاتهم، إلا أنَّ المسيحي الملتزم لم يكن على استعدادٍ للاعتراف بتلك الآلهة وتفضيلها على عقيدته، أو حتى مجرَّد التنازل بتلاوة بعض الطقوس الوثنية.
المصدر: الباحثون المصريون.
التعليقات
إرسال تعليقك