ملخص المقال
قبل أشهرٍ قليلةٍ، ضرب العالم فيروس كورونا الذي ظهر بمدينة ووهان الصينية، ومع كل ما يشهده العالم الآن من ذعر قد نظنه غير مسبوق، ولكننا إن تصفحنا التاريخ
قبل أشهرٍ قليلةٍ، ضرب العالم فيروس كورونا (كوفيد – 19) الذي ظهر بمدينة "ووهان" الصينية، وعلى الرغم من أنَّ أعراضه الشبيهة بنزلة البرد العادية، مثل: السعال الجاف، وسيلان الأنف، والصداع، والحمى، والتهاب الحلق.. لكنَّه في الواقع أكثر فتكًا من نزلات البرد؛ فقد تجاوز عدد الضحايا في الصين حتى الآن الآلاف، فيما وصل عدد الضحايا خارج الصين إلى المئات.
وتوجد مخاوف بأن تصل الإصابة بالفيروس القاتل إلى نحو 100 ألف حالة في جميع أنحاء العالم، وسط عدم تحديد الطرق الدقيقة التي تنتقل بها سلالة "كورونا" الجديدة، وعدم إعلان منظمة الصحة العالمية حتى الآن عن حالة طوارئ عالمية.
وفي الواقع إنَّ فيروس كورونا هو الحلقة الأخيرة في سلسلةٍ من الأوبئة التي تفشت في العالم عبر التاريخ، وذهب ضحيَّتها الملايين من البشر، وفيما يلي أبرزها:
الطاعون الأنطوني:
بدأت حالة الطاعون الأنطوني (طاعون الأباطرة الأنطونيِّين)، في سنة 165م واستمرَّت حتى سنة 180م تقريبًا، عندما اندلعت حالةٌ مبكرةٌ من مرض الجدري في مجموعةٍ من الرعاة الرُّحَّل، الذين نقلوا العدوى إلى الألمان، ثم نقلها الألمان إلى الرومان المنتشرين في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية، حتى تدمَّر الجيش الروماني، وقُدِّر إجمالي عدد وفيات العدوى في العالم آنذاك بنحو 5 ملايين.
وتتمثَّل أعراضه في الإسهال الأسود، الذي يُشير إلى نزيف الجهاز الهضمي، والسعال المكثف، والنفس ذي الرائحة الكريهة، وطفح جلدي أحمر وأسود في جميع أنحاء الجسم.
طاعون جستنيان:
انتشر في كافَّة أنحاء الإمبراطورية البيزنطية؛ في آسيا، وإفريقيا، وأوروبا، بين سنتي 541 و542م، وتُشير الوثائق إلى أنَّ هذا الوباء ظهر أولًا في مصر، وانتقل إلى القسطنطينية، حيث كانت الإمبراطورية البيزنطية تحصل على احتياجاتها من الحبوب من مصر، وقد أسفر عن سقوط عددٍ كبيرٍ من الضحايا.
الطاعون الأسود:
اندلع في سنة 1346م حتى سنة 1353م، في أوروبا وإفريقيا وآسيا، ويُقدَّر عدد ضحاياه من 75 مليون إلى 200 مليون شخص، ويُعتقد أن هذا الوباء نشأ في آسيا، وانتشر على الأرجح عن طريق البراغيث التي كانت في الفئران التي تعيش على متن السفن التجارية.
طاعون لندن العظيم:
ظهر في لندن سنتي 1665 و1666م قادمًا من هولندا، وقد تجاوز عدد ضحاياه الـ 100 ألف شخص، وهو ربع عدد سكان المدينة حينئذٍ.
الطاعون العظيم بمدينة مارسيليا الفرنسية:
ضرب مدينة مارسيليا الفرنسية في سنة 1720م، وأودى بحياة 100 ألف شخص في أيامٍ قليلة.
الحمى الصفراء:
انتشر بمنطقة فيلادلفيا الأميركية سنة 1793م وتسبَّب في مقتل حوالي خمسة وأربعين ألف شخص.
الكوليرا:
في سنة 1820م فتكت الكوليرا بالكثيرين في جنوب شرق آسيا، وبلغ عدد الضحايا أكثر من 100 ألف شخص، وقد ظهرت في مدينة كالكوتا في الهند ومنها انتشرت في جنوب آسيا، والشرق الأوسط، وساحل البحر الأبيض المتوسط، وقد وصل هذا الوباء إلى الصين.
طاعون منشوريا:
انتشر بين سنة 1910 وسنة 1911م في منطقة منشوريا في الصين، وقتل حوالي 60 ألف شخص.
الإنفلونزا الإسبانية:
اجتاح العالم في سنة 1918م، وقد أودى بحياة ما يتراوح بين 40 و50 مليون شخص.
الإنفلونزا الآسيوية:
كانت الإنفلونزا الآسيوية بمثابة انتشار وبائي لفيروسات الإنفلونزا (أ)، من النوع الفرعي H2N2 الذي نشأ في الصين في سنة 1956م، واستمرَّ حتى سنة 1958م.
وفي الأشهر القليلة الأولى، انتشر في جميع أنحاء الصين ومناطقها، ولكنَّه بحلول فصل الصيف وصل إلى الولايات المتحدة، وليس هناك أعداد مؤكَّدة لضحايا الفيروس عبر العالم، إلَّا أنَّ منظمة الصحة العالمية تُقدِّر الحصيلة النهائية بنحو مليونين و69800 شخص في الولايات المتحدة وحدها، ناهيك عن باقي الدول الآسيوية والأوروبية التي شهدت تفشِّيًّا للفيروس.
إنفلونزا هونغ كونغ:
منذ أوَّل حالة وقع الإبلاغ عنها في 13 يوليو 1968 في هونغ كونغ، استغرق الأمر 17 يومًا فقط قبل أن يبلَّغ عن تفشي هذا الفيروس، الذي يُشار إليه باسم انفلونزا هونغ كونغ، في سنغافورة وفيتنام، وفي غضون ثلاثة أشهر امتدَّ إلى الفلبين والهند وأستراليا وأوروبا والولايات المتحدة.
أدَّى الفيروس إلى وفاة أكثر من مليون شخص، بمن فيهم 500 ألف من سكان هونغ كونغ نفسها؛ أي ما يقرب من 15% من سكانها في ذاك الوقت.
حُمَّى زيكا:
يعرف فيروس زيكا بأنَّه من جنس الفيروسات المصفرة المنتقلة -في المقام الأول- عبر البعوض الماص للدماء؛ مثل البعوضة الزاعجة المصرية، وتشمل أعراضه: الحمى، والطفح الجلدي، وآلام المفاصل، واحمرار العينين.
وفي مايو 2015 أُبْلِغ عن أوَّل انتقالٍ محليٍّ لفيروس زيكا في البرازيل، وسرعان ما انتشر الفيروس وأصاب أكثر من 1.5 مليون شخص في 68 دولة، وذلك بفضل قدرة البعوض على الازدهار في حياة المدينة؛ داخل القمامة، وخنادق المياه المفتوحة، والمصارف المسدودة، والمساكن المزدحمة.
وكان الفيروس مرتبطًا -أيضًا- بآلاف الأطفال في البرازيل الذين يُولدون مصابين بالصرع الجزئي، وهو اضطراب عصبي؛ حيث يُعاني الطفل من اختلافٍ في المخ ورأس صغير بشكلٍ غير طبيعي.
وكان هناك -أيضًا- عددٌ متزايدٌ من حالات الإملاص والإجهاض لدى الأمَّهات المصابات بالفيروس، فيما واجه الأطفال الذين بقوا على قيد الحياة عجزًا فكريًّا وتأخُّرًا في النمو.
الإيدز:
في سنة 1976م ظهر في الكونغو وانتشر في مختلف أنحاء العالم، وقد بلغ عدد المصابين حوالي 36 مليونًا، والسبب في انتشار فيروس "إتش أي في - H I V" المسبِّب للإيدز هو: النمو السكاني، وتجارة الجنس، وحركة السكك الحديدية.
انفلونزا الخنازير:
انتشر وباء إنفلونزا الخنازير في سنة 2009، وقد اكتُشف أوَّلًا في المكسيك قبل أن ينتشر في العديد من دول العالم، ووَفْقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإنَّ إنفلونزا الخنازير من أكثر الفيروسات خطورةً؛ حيث يتمتَّع بقدرة تغيُّرٍ سريعة، هربًا من تكوين مضادَّاتٍ له في الأجسام التي يستهدفها، وقد أعلنت منظمة الصحَّة العالمية في سنة 2010م عن وفاة 18 ألف شخص جرَّاء الوباء.
إيبولا:
وفي 2013، ظهر هذا الوباء في غينيا وانتشر إلى ليبيريا وسيراليون المجاورتين، ليُعرف بعدها باسم "فيروس إيبولا في غرب إفريقيا"، الأمر الذي كاد يتسبَّب بانهيار اقتصادات البلدان الثلاثة، وخلال تلك السنة، تُوفِّي حوالي 6 آلاف شخصٍ بسببه..
وفي سنة 2018، ضرب إيبولا مجدَّدًا في جمهورية الكونغو الديمقراطية؛ حيث فقد أكثر من 2200 شخصٍ حياتهم.
واليوم يضرب العالم فيروس كورونا، وتوجد مخاوف بأن تصل الإصابة بالفيروس القاتل إلى نحو 100 ألف حالة في جميع أنحاء العالم.. عافانا الله وإياكم وكل العالمين يا رب منه ومن كلِّ مكروه..
كورونا .. ليس الظهور الأول!
والجدير بالذكر أن فيروس كورونا لم يكن ظهور الأول في تلك الأيام فقط، بل ظهر من قبل في عام 2015 ولكن على الأغلب لم يكن بالتطوير الجيني نفسه للفيروس المتواجد الآن، ولهذا انتهى سريعًا ولم يتفشَ مثل هذه المرة..
ولا يتبقى غير أن نذكر أنفسنا وإياكم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: حيث روى أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ، قَالُوا: وَمَا الْفَأْلُ؟ قَالَ كَلِمَةٌ طَيِّبَةٌ" [1].
ويمكنكم مطالعة شرح الحديث للمزيد من توضيح المعنى من هنا..
وخلاصة معناه: أننا لا ينبغي لنا التشاؤم، وأن العدوى في ذاتها لا تنتقل أو تضر إلا بإذن الله، والإيمان أن النفع والضر بإذن الله مطلقًا، مع ضرورة الأخذ بأسباب الوقاية والعلاج، ولكن دون تهويل أو تخويف أو مبالغة قد توقع هي نفسها في الإيذاء والضرر، عافانا الله وإياكم من كل مكروه..
وللتعرف على نصائح تفيدك -بإذن الله- في كيفية الوقاية من فيروس كورونا طالع المقال التالي: «نصائح مهمة للوقاية من فيروس كورونا»..
[1] انظر: صحيح مسلم: كتاب السلام، باب لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولا نوء، رقم (2222)، وصحيح البخاري، (5776).
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- قصة المـَثَل العربي الشهير .. «سَبَقَ السَّيْفُ العَذَلَ»
- خريطة بأسماء وأماكن مدن الأندلس القديمة
- لماذا أحب العلماء الوقف الإسلامي؟
- حوار الصحابي ربعي بن عامر مع رستم قائد الفرس .. مشهد من ماضٍ مجيد
- نص خطاب جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة
التعليقات
إرسال تعليقك