ملخص المقال
كانت مؤسسة الوقف في ظل الحضارة الإسلامية تطبيقا عمليا لقيم التضامن الاجتماعي والإنفاق في وجوه البر؛ فقد كان الوقف يمثل موردا لكثير من المؤسسات الاجتماعية؛ فبفضله قامت المساجد، وشيدت المدارس والمكتبات ودور العلم.
كل هذه الأشياء جعلت مكانة الوقف على العلم عند الفقهاء عالية جدا؛ فقد بلغ من تعظيمهم لهذا النوع من الوقف وحرصهم على بقائه أن حرموا إلغاءه، ووقفوا في وجه من أراد ذلك.
فقد وقف عدد من كبار العلماء في وجه بعض سلاطين المماليك عندما أرادوا إنهاء الأوقاف جملة؛ وقد أورد السيوطي موقف الشيخ البلقيني حين استشاره أحد أولئك السلاطين في إنهاء الأوقاف، فحرّم الشيخ إنهاء ما كان منها مخصصا للمدارس والعلماء وطلبة العلم.
أما بالنسبة لدور الوقف في تشييد المدارس؛ فقد روى الرحالة ابن جبير أنه شاهد في بغداد نحو ثلاثين مدرسة، أكبرها المدرسة النظامية، ولهذه المدارس أوقاف وعقارات خيرية للإنفاق عليها وعلى العلماء والدارسين فيها.
في القرن السادس مثلا نجد المدارس الموقوفة الخاصة بأبناء الفقراء والأيتام قد انتشرت في بلاد الإسلام، ويذكر التاريخ فضل صلاح الدين الأيوبي في إنشاء المدارس العلمية في المدن التي حكمها، وفضل نور الدين محمود الشهيد الذي أنشأ في سوريا وحدها أربعة عشر معهدا، منها ستة في دمشق وحدها.
وقد أورد ابن خلدون أمثلة على ما كان في بغداد وقرطبة والقيروان من مراكز علمية، وبمطالعة تاريخ المدارس العلمية في العالم الإسلامي يتأكد فضل الأوقاف في ازدهار الحياة العلمية، ويظهر أنه ما كان للمدرسة أن تقوم في البلاد الإسلامية لولا الوقف، يشهد لهذه الحقيقة أن عددا من المدارس التي لم تكن لها أوقاف لرعايتها لم تستطع أن تستمر في مزاولة نشاطها.
ولم يقتصر تأثير الوقف على مد المدارس بالموارد المالية الضرورية لسد حاجاتها، ولكن امتد إلى التوجيه التربوي، إذ كان يتدخل في توجيه العملية التعليمية، وفي تعيين العلوم التي يجب أن تدرس، وفي المؤهلات العلمية التي يجب أن تكون في العالم أو المدرس.
كذلك تحدث المؤرخين عن أوقاف خاصة للكراسي العلمية التي تخصص لتدريس العلوم؛ حيث كانت الكراسي العلمية التي كانت مدعمة بالوقف في جامع القرويين بفاس تبلغ ثمانية عشر كرسيا.
وبفضل الوقف انتشرت الثقافة في العالم الإسلامي وشملت جميع طبقات الناس وازدهرت حركة العلم والعلماء.
للمزيد ..
قصة الإسلام .. الأوقاف وازدهار الحركة العلمية في الحضارة الإسلامية
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- لماذا بكى موسى عندما رأي النبي في الإسراء والمعراج؟
- بين العلم والإيمان
- نص خطاب جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة
- ما لا تعرفه عن الانكشارية قوات الكومندوز العثمانية
- ورع عمر بن الخطاب
التعليقات
إرسال تعليقك