ملخص المقال
تعرف على قصة سيدنا آدم عليه السلام عندما كان في الجنة في ضيافة ربه..
عندما شاء الله تعالى خَلْقَ آدم عليه السلام، أخبر ملائكته بقوله: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً) (البقرة: 30)، فاختصمت الملائكة، وقامت بينهم محادثة حول المرشح للخلافة، وأفصحوا عما في نفوسهم كما حكى عنهم القرآن: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا) (البقرة: 30).
وقضاء الله وأمره لا بد من نفاذهما.. خَلَقَ آدم عليه السلام، وسواه ونفخ فيه من روحه، وأضحى ضيفًا كريمًا في رحاب ربه، وحق على الله أن يكرم ضيفه، وبخاصة أنه سيولى مهام الخلافة في الأرض، فلابد أن يربى على موائد الكرم والتكريم والعز الإلهي.
وقبل أن يأمر الله ملائكته بالسجود لآدم، أراد سبحانه إخبار ملائكته بأن ما خبأه في علمه القديم، خفي على الملائكة، وكل مخلوقاته، وأن ذلك لحكمة يعلمها، وقد اقتضت حكمته أن يرفع علم آدم فوق علم الملائكة، وأن يجعله على علم بأشياء لم تعلمها الملائكة، حتى إذا أمرهم بالسجود لا يكون عندهم أية شبهة في تفضيل آدم عليهم، وقد أخبر عن ذلك بقوله: (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا) (البقرة: 31).
وفي الأسماء التي علمها له قولان:
أحدهما: أنه علمه كل الأسماء.
والثاني: أنه علمه أسماء معدودة لمسميات مخصوصة، وهي إما أنه علمه أسماء الملائكة، أو أسماء الأجناس دون أنواعها، كقولك إنسان وملك وجن وطائر، أو علمه أسماء ما خلق من الأرض من الدواب والهوام والطير، أو علمه أسماء ذريته، وبالجملة علمه سبحانه أسماء جميع الأشياء التي سينتفع بها نسله من بعده.
وبذلك يكون آدم على علم بأشياء لا تعلمها الملائكة: (ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة: 31).
أي: إن كنتم صادقين أني لا أخلق خلقًا هو أفضل منكم وأعلم، أو أني أجعل فيها من يفسد فيها.
وقف الملائكة من القضية موقف العاجز الذي سلم عنه اقتناع بعجزه (قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة: 32).
والتسبيح: هو التنزيه لله تعالى عن كل سوء، والعليم: بمعنى العالم. والحكيم: بمعنى الحاكم، أو المحكم للأشياء.
وعندئذ أمر الله آدم في مواجهة الملائكة وحضور إبليس أن يخبرهم بهذه الأسماء، ليظهر علمه عليهم، وفي مواجهتهم (قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ) (البقرة: 33). والهاء والميم في (بأسمائهم) ضمير يعود على المخلوقات التي عرضها الله، أو يعود على الملائكة: (فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة: 33).
وللمفسرين في الذي أبدوه قولان:
أحدهما: أنه قولهم: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا).
والثاني: أنه ما أظهروه من السمع والطاعة، حين مروا على جسد آدم، فقال إبليس: إن فُضِّل هذا عليكم ماذا تصنعون؟ فقالوا: نطيع ربنا، فقال إبليس في نفسه: لئن فُضِّلْتُ عليه لأهلكنه، ولئن فضِّل عليِّ لأعصينه.
وفي الذي كتموه قولان:
أحدهما: أنه اعتقاد الملائكة أن الله تعالى لا يخلق خلقًا أكرم منهم.
والثاني: أنه ما أسره إبليس من الكبر والعصيان.
وليس بأيدينا أدلة صحيحة تثبت هذه الاحتمالات أو تنفيها.
وبهذا يكون الله سبحانه قد كشف أمامه الستار، واتضحت قضية الأفضلية، فسلم الملائكة بأفضلية آدم، وسبقه عليهم بالعلم، وبذلك يكون هو أولى بالخلافة على الأرض منهم، فعندما أمروا بالسجود، سجدوا كلهم أجمعون، طاعة لله رب العالمين، واحترامًا وتقديرًا لآدم، وعاند إبليس وتكبر، فامتنع عن تنفيذ أمر الله، فطرده من رحمته.
المصدر: مقال للـ أ.د. فؤاد على مخيمر على موقع الجمعية الشرعية.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- نص الرسالة التي أرسلها هولاكو قائد التتار إلى قطز
- شكل سيدنا موسى عليه السلام كما رآه النبي في الإسراء والمعراج
- نص خطاب جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة
- كم مرة أشار فيها القرآن لأرض الشام؟
- قصة قلعة صلاح الدين الأيوبي
التعليقات
إرسال تعليقك