ملخص المقال
النبي -صلى الله عليه وسلم- من سلالة آباء كرام، وكلهم سادةٌ وقادة، ولهم مكانٌ مكينٌ ومقامٌ بين العرب عظيم..
النبي -صلى الله عليه وسلم- من سلالة آباء كرام، وكلهم سادة وقادة، ولهم مكانٌ مكينٌ ومقامٌ بين العرب عظيم، وقد اشتهروا بالحكمة والشجاعة والإقدام والكرم، كما يتبين ذلك مما نذكره بالاختصار من مناقبهم وأخبارهم.
معد
فقد كان "معد" صاحب حروبٍ وغاراتٍ على بني إسماعيل، ولم يحارب أحدًا إلا رجع بالنصر، وهو أبو العرب.
نزار
وكان "نزار" أجمل أهل زمانه وأرجحهم عقلا.
مضر
وكان "مضر" جميلًا كذلك، ولم يره أحدٌ إلا أحبه، وكان أول من حدا الإبل (ساقها أمامه)، وكان من أحسن الناس صوتا، ومن حكمه الماثورة: "خير الخير أعجله، فاحملوا أنفسكم على مكروهها، واصرفوها عن هواها فيما أفسدها، فليس بين الصلاح والفساد إلا صبر فواق (بين الحلبتين)".
إلياس
وكان "إلياس" في العرب مثل لقمان الحكيم في قومه، ومن حكمه: "من يزرع خيرًا يحصد غبطة (مسرة)، ومن يزرع شرًا يحصد ندامة".
فهر
وأما "فهر" فإليه جماع قريش، وما كان فوقه فلا يقال له قرشي، بل يقال له كناني، واسمه قريش، وكان كريمًا يفتش على حاجة المحتاج فيسدها بماله، وهو الجد السادس لأبي عبيدة بن الجراح.
كعب
وهو الجد الثامن لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه، كان يجمع قومه يوم العَروبة، أي يوم الرحمة وهو يوم الجمعة، فيعظهم ويذكرهم بمبعث النبي -صلى الله عليه وسلم، وينبئهم بأنه من ولده ويأمرهم باتباعه.
مُرَّة
وهو الجد السادس لرسول الله -صلى الله عليه وسلم، والجد السادس أيضًا لأبي بكر الصديق -رضي الله عنه، وفيه يجتمع أيضًا نسب الإمام مالك بنسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
كلاب
اسمه حكيم وقيل: عروة، ولقب بكلاب لأنه كان يكثر الصيد بالكلاب، وهو الجد الثالث لآمنة أم النبي -صلى الله عليه وسلم، فهو ملتقى نسب أبيه بنسب أمه. وقيل: إنه أول من سمى الأشهر العربية المستعملة إلى الآن.
قُصيّْ
ولد حوالي سنة 400م، اسمه زيد، ويقال له مُجمِّع، وبه جمَّع الله القبائل من قريش في مكة بعد تفرقها فانزل أبطح مكة (أرضها المنبسطة)، وكان بعضهم في الشعاب ورؤوس الجبال بمكة، فقسَّم منازلهم فسمي مجمع، وهذا عملٌ جليلٌ وفضلٌ عظيمٌ لا يتم إلا على يد ذوي النفوس الأبية والهمم العالية.
وهو أول من جدد بناء الكعبة من قريش بعد إبراهيم، وقيل إنما لُقِّب قُصيًّا لأنه أبعد عن أهله ووطنه مع أمه بعد وفاة أبيه فإنها تجوَّزت ربيعة بن حرام فرحل بها إلى الشام وفيه يقول حذاقة بن غانم: "أبوكم قُصيّْ كان يٌدعَى مجمعا، به جمع الله القبائل من فهر".
وكان إلى قُصيّْ في الجاهلية حجابة البيت وسقاية الحاج وإطعامه المسمى بالرفادة، والندوة، وهي الشورى، لا يتم أمرٌ إلا في بيته، ولا يٌعقد عقد نكاح إلا في داره ولا يعقد لواء حرب إلا فيها، فكان بيته عبارة عن نادي للعرب، بل هو ملجأهم في جميع المشكلات قومية أو شخصية.
ولما حضرته الوفاة نهى بنيه عن الخمر، ولا بد أنه أدرك مضرتها فنهى أحب الناس إليه عن احتسائها، وتوفي سنة 480م، فعاش 80 عاما.
ومن كلامه الدال على تجاربه ورجاحة عقله: "من أكرم لئيمًا شاركه في لؤمه، ومن استحسن قبيحًا ترك إلى قبحه، ومن لم تصلحه الكرامة أصلحه الهوان، ومن طلب فوق قدره استحق الحرمان، والحسود هو العدو الخفي". فإذا كنا نحكم على الانسان بكلامه فهذا يدل على أنه كان يبغض اللؤم والقبح بغضا شديدا وكان شجاعا كارها للغرور والحسد.
عبد مناف
اسمه المغيرة، وكان يقال له "فمر البطحاء" لحسنه وجماله، وكانت قريش تسميه الفياض لكرمه، وهو الجد الرابع لعثمان بن عفان، والجد التاسع للإمام الشافعي.
هاشم
واسمه عمرو بن عبد مناف، ويقال له عمرو الخلا لعلو رتبته وهو أخو عبد شمس، وقد ساد قومه بعد أبيه عبد مناف، وقد وقعت مجاعةٌ شديدةٌ في قريش بسبب جدبٍ شديدٍ يحصل لهم، فخرج هاشم إلى الشام فاشترى دقيقًا وكعكًا وقدم به مكة في الموسم، فهشم الخبز والكعك، ونحر جزرًا وجعل ذلك ثريدًا واطعم الناس حتى أشبعهم فسمي بذلك هاشما، وكان يقال له سيد البطحاء، ولم تزل مائدته منصوبة في السراء والضراء، وكان موسرًا يؤدي الحق ويؤمن الخائف، وهو أول من سنَّ رحلتين لقريش: رحلة الشتاء، ورحلة الصيف، فكان يرحل في الشتاء إلى اليمن وإلى الحبشة، وفي الصيف إلى الشام.
قال الشاعر:
"عمرو الذي هشم الثريد لقومه ورجال مكة مسنتون عجاف
سنت إليه الرحلتان كلاهما سفر الشتاء ورحلة الأصياف"
وقد جاء ذكر الرحلتين في القرآن الكريم في سورة قريش: "لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ - إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ - فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ - الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ"
ومات هاشم بغزة من أرض الشام تاجرًا سنة 510م.
عبد المطلب
وأمه سلمى بنت زيد النجارية، واسمه عبد المطلب شيبة الحمد لأنه ولد وله شيبة، مع رجاء حمد الناس له، وإنما قيل له عبد المطلب لأن عمه المطلب أردفه، وكان بهيئة رثة لفقره فقيل له: من هذا؟ فقال: عبدي، حياءًا ممن ساله.
وكان عبد المطلب مجاب الدعوة، وكان يرفع من مائدته للطير والوحوش في رؤوس الجبال، وهذا إحساس لطيف ورفق بالحيوان الأعجم، ولذا يقال له: مطعم الطير، ويقال له: الفياض، وكان مفزع قريش في النوائب، وملجأهم في الأمور وشريفهم وسيدهم كمالًا وفعالا، وهو أول من تحنَّث (تعبد) بحراء، وكان إذا دخل شهر رمضان، صعد حراء وأطعم المساكين، وعاش مائة وعشرين سنة أو أكثر وقد انتهت إليه الرياسة بعد عمه عبد المطلب، وكان يأمر أولاده بترك الظلم والبغي، ويحثهم على مكارم الأخلاق، وينهاهم عن دنيات الأمور، ورفض عبد المطلب في نهاية عمره عبادة الأصنام ووحد الله.
قال دغفل النسَّابة: إن عبد المطلب كان أبيض، مديد القامة، حسن الوجه في جبينه نور النبوة وعز الملك، يطيف به عشر من بنيه، كأنهم أسد غاب، وهو الذي كشف عن زمزم بئر إسماعيل، وأقام سقايتها للحجاج، فكانت له فخرًا وعزًا على قريش، وعلى سائر العرب.
وكان يكرم النبي -صلى الله عليه وسلم- ويعظمه وهو صغير ويقول: "إن لابني هذا لشأنًا عظيما"، وذلك مما كان يسمعه من الكهان والرهبان قبل مولده وبعده، وكانت كنية عبد المطلب "أبا الحارث"، وكني بذلك لأن الأكثر من ولده الذكور كان اسمه الحارث.
المراجع:
- سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، الشيخ محمد رشيد رضا.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- قصة سليم قاهر الشيعة
- شكل سيدنا موسى عليه السلام كما رآه النبي في الإسراء والمعراج
- قصة قلعة صلاح الدين الأيوبي
- قصة البطل أحمد عبد العزيز
- حوار الصحابي ربعي بن عامر مع رستم قائد الفرس .. مشهد من ماضٍ مجيد
التعليقات
إرسال تعليقك