ملخص المقال

الجزيرة نت
يتدافع أصحاب موائد الإفطار على استضافة كل من يدخل من أبواب المسجد النبوي الشريف قبيل أذان المغرب، وتبدو السعادة على وجه من يحظى بإقناع الصائمين بالإفطار على مائدته. وقد أصبحت هذه الموائد علامة مميزة للمسجد تتعاهدها عائلات المدينة منذ أجيال.
إذا ما عقدت العزم على أن تكون أحد زوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في طيبة الطيبة، فأنت على موعد مع إحدى القصص التي يتباهى بها أهالي المدينة المنورة منذ عقود طويلة، والمتمثلة في موائد الصائمين.
فطوال الأيام التسعة الأول من شهر ذي الحجة -والتي يستحب فيها الصيام لمن لم يكن ضمن أفواج حجاج بيت الله الحرام- يتدافع أصحاب الموائد على استضافة كل من يدخل من أبواب المسجد النبوي الشريف قبيل أذان المغرب، وتبدو السعادة على وجه من يحظى بإقناع الصائمين بالإفطار على مائدته.
وتنتشر موائد الإفطار في المسجد النبوي الشريف، وهي عادة درج عليها أهالي المدينة منذ عقود لضيافة زوار الحرم المدني خلال موسمي شهر رمضان المبارك والأيام العشر من ذي الحجة.
تاريخ من الضيافة
ويروي المتخصص في تاريخ المدينة المنورة راشد الأحمدي جانبا حيويا من تاريخ أهل المدينة المنورة في ضيافة وفود الرحمن وزائري المصطفى صلى الله عليه وسلم ، ويقول "إنها عادة درجوا عليها منذ أربعة عقود تقريبا، حتى أصبحت علامة فارقة امتازوا بها عن موائد إفطار المكيين".
وبحسب الأحمدي، فقد كانت بعض الموائد محصورة عرفيا ضمن عوائل مدنية تعاهدت عليها على مدار جيلين، كما تُخصص بعض الأماكن لموائد الإفطار في شهر رمضان لأصحابها تقديرا من قبل رئاسة المسجد النبوي لأقدميتهم في تفطير الصائمين.
وشهدت السنوات الخمس الماضية تغيرات بنيوية في موائد إفطار الحرم المدني، فلم يعد الأمر محصورا بالعوائل المدنية التي شهدت فضل السبق في استضافة ضيوف الرحمن أو زوار المسجد النبوي، حيث أصبح العديد من الجاليات المقيمة في المدينة المنورة تتشارك في إقامة موائد الإفطار، مع إدخال بعض النكهات الخاصة بهم.
وتحمل مكونات موائد الإفطار التي يقدمها المدنيون لزوارهم طابعا خاصا، إذ يقدمون فيها أفضل أنواع التمور للصائمين، بالإضافة إلى ماء زمزم والقهوة العربية، ولبن الزبادي والخبز المدني المميز المعروف باسم "الشريك"، فضلا عن "الدقة" المدنية المعروفة.
ولا تخضع موائد الإفطار للعشوائية داخل الحرم المدني، بل تنظمها وكالة الرئاسة العامة في المسجد النبوي ، حيث تتطلب الموائد الدائمة الحصول على ترخيص للقائم عليها، يحدد له عدد أنواع الخبز التي يسمح له بإحضارها، والباب الذي يلج منه لإقامة مائدته.
وعادة ما تكون مائدة الإفطار جاهزة قبل الظهر، ومن ثم يجري نقلها إلى المسجد النبوي في وقت مبكر، فيقوم أصحابها بمدها بعد صلاة العصر مباشرة. وقبل إقامة صلاة المغرب تُرفع كل زوائد محتويات المائدة في وقت واحد، بالتعاون مع عمال النظافة الموجودين في المسجد، حفاظا على نظافة المسجد النبوي .
وعلى سبيل المثال، يبدو أن النكهة السودانية في موائد إفطار الحرم المدني حاضرة وجلية، كالمائدة التي يتعاهدها الحاج عاصم محمد مصطفى بصحبة زملائه منذ أربع سنوات ونصف، وذلك طوال شهر رمضان والأيام التسع من ذي الحجة، إضافة إلى 11 يوما في الشهر تتوزع على أيام الاثنين والخميس والأيام البيض (13 و14 و15 من كل شهر القمري).
وتظهر أمارات الرضا في حديث الحاج مصطفى، حيث يقول إنه يحرص مع زملائه على التشارك في قيمة المائدة شهريا، حيث يتمكنون من استضافة خمسين شخصا تقريبا على مائدتهم.
ويذهب في حديثه إلى أن الأصل في هذه الموائد ليس الأكل بحد ذاته، وإنما إكرام ضيافة زوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لينال بحسب عبارته "شرف الزمان والمكان".
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- قصة المـَثَل العربي الشهير .. «سَبَقَ السَّيْفُ العَذَلَ»
- خريطة بأسماء وأماكن مدن الأندلس القديمة
- لماذا أحب العلماء الوقف الإسلامي؟
- حوار الصحابي ربعي بن عامر مع رستم قائد الفرس .. مشهد من ماضٍ مجيد
- نص خطاب جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة
التعليقات
إرسال تعليقك