ملخص المقال

من تأسيس المجلس في 1829 وحتى 2015
تاريخ الحياة النيابية في مصر
الأهرام – بوابة الحضارات
الجزء الثاني تاريخ الحياة النيابية في مصر (من عهد الخديوي توفيق إلى الملك فاروق )
بعد خلع الخديوي إسماعيل ونفيه من مصر عام 1879م تولي ابنه توفيق الخديوية الذي لم يكن مهتما بالمجلس مثل والده غير أن مجلس النواب استمر في المطالبة بحقوق تشريعية تجعله طرفا في الموافقة علي أي قوانين أو تشريعات جديدة وهي الحقوق التي حصل عليها بالفعل مناصفة مع الخديوي بالإضافة إلي حق إقرار الضرائب والمسائل المالية بعد مناقشتها والتصويت عليها ، فكان ذلك يبشر بقيام حياة نيابية نشطة في مصر ومن ثم قيام نظام ديمقراطي يكون الأول من نوعه في المنطقة.
جاء عام 1882م ومعه الاحتلال البريطاني الذي قضي علي هذا الحلم الوليد وقضي علي أمل مصر في أن تصبح من طليعة الدول التي تقيم نظاما ديمقراطيا راسخا.
ووضع لورد دفرين عام 1883م القانون الأساسي لتنظيم الشئون الداخلية لمصر تحت سلطة الاحتلال البريطانية ونص القانون علي إقامة مجلسين استشاريين لا تشريعيين هما مجلس شوري القوانين والجمعية العمومية للتداول في الشئون الداخلية لمصر وكان هذا المجلس بمثابة انتكاسة لتطور الحياة النيابية في مصر عاد بها 20 سنة إلي الوراء.
كان رأي مجلس شوري القوانين استشاريا وكان يتكون معظمه من كبار ملاك الأراضي الزراعية الذين تلاقت مصالحهم بشكل ما مع مصالح السلطة البريطانية التي كانت تكافئهم بالقيام بمشروعات زراعية مستمرة. ولكن هذا لم يمنع الروح الوطنية من أن تسري في نواب المجلس مع مرور الوقت وضغط الرأي العام المضاد للاحتلال البريطاني، وبلغت معارضة المجلس للحكومة ذروتها عام 1909م، أي بعد 27 سنة من الاحتلال في تصدي المجلس لمشروع الحكومة برئاسة بطرس غالي باشا لمد امتياز قناة السويس 40 سنة أخري مقابل الحصول علي 4 ملايين جنيه ونسبة من أرباح شركة قناة السويس.
وكان الحزب الوطني بزعامة محمد فريد يتزعم جبهة الرفض للمشروع ونشر في جريدة اللواء خبر اعتزام الحكومة القيام بمد الامتياز مما أهاج الرأي العام المصري ضد الحكومة وكان هذا هو أحد أسباب اغتيال بطرس غالي باشا علي يد إبراهيم الوردانى.
انتهى أمر المشروع بالتصويت عليه في مجلس شوري القوانين ورفضه من غالبية نواب المجلس ما عدا أعضاء الحكومة والنائب مرقص سميكة، فكان هذا يعد نصرا للمجلس الذي فرض إرادته علي إرادة الحكومة.
ثم جاء دستور 1923م الذي تمخض عنه أول مجلس نيابي حقيقي له سلطة مساءلة الحكومة وسحب الثقة منها ولا تستطيع الحكومة أو الملك سن أي قوانين أو تشريعات جديدة قبل عرضها علي المجلس والتصويت عليها إما بالرفض وإما بالقبول. ولكن هذه المجلس أيضا لم يكن مثاليا فقد حد من سلطاته وأعطى الملك الحق في إقالة الحكومة وحل المجلس في أي وقت وهو ما حدث في معظم الأحيان حتى أضحت الحكومة في عصر الملك فاروق أداة طيعة في يده حتى تضمن عدم إقالتها كما أن الصراع الحزبي بين حزب الأغلبية وأحزاب الأقلية قد بلغ درجة عالية في المجلس ضاعت معه أصوات المنادين بمصلحة الوطن فوق مصالح الأحزاب والأشخاص.
ونظرا لاكتساب مجلس النواب صلاحيات واسعة بواقع دستور 1923م فقد بدأت الانتخابات النيابية تشهد عمليات تزوير لمصلحة حزب أو ضد حزب بعينه وأشهرها تزوير انتخابات 1938م الذي زورها محمد محمود باشا لإسقاط الوفد بناء علي رغبة القصر كما أن القصر والحكومة استغلا الأحكام العرفية وقاموا بفرضها في معظم الأوقات لتكميم الصحافة وإرهاب أحزاب المعارضة في مجلس النواب لمنعها من انتقاد الحكومة.
لم يستطع الملك فؤاد أن يتحمل دستور 1923م وما تمخض عنه من حكومة أغلبية وفدية ومجلس نيابي قوي يسيطر عليه الوفد لذلك عمد إلي إنشاء أحزاب تكون موالية للقصر لتوازن قوة الوفد وحزب الأحرار الدستوريين في الانتخابات وفي المجلس فنشأ حزب الاتحاد الموالي للقصر ولكنه مني بهزائم متوالية في الانتخابات التي فاز بها الوفد فوزا ساحقا، فلجأ الملك إلي استخدام إسماعيل صدقي وقام بتوليته الوزارة فقام الأخير بإلغاء دستور 1923م وأصدر دستور 1930م الذي أعطي صلاحيات واسعة للملك حتى سمي بدستور الملك في مقابل دستور 1923م الذي سمي بدستور الشعب كما قام إسماعيل صدقي بإنشاء حزب جديد موال للقصر هو حزب الشعب وخاض به الانتخابات التي قاطعتها الأحزاب الأخرى ما عدا الاتحاد والوطني وفاز حزب صدقي في الانتخابات وشكل الوزارة.
ولكن مظاهرات عارمة تفجرت في الشوارع احتجاجا علي إلغاء دستور 1923م تصدي لها البوليس السياسي بقسوة شديدة ولكن لحسن الحظ أن قوة وديكتاتورية إسماعيل صدقي أخافت الملك فؤاد فقبل استقالته في 21 ديسمبر 1933م وتعد وزارة صدقي أكثر الوزارات اعتداء علي الدستور وامتهاناً للحياة النيابية.
ومن بعده جاءت وزارة عبد الفتاح يحيي التي لم تعمر طويلاً ثم أصر الإنجليز علي تولية توفيق نسيم الوفدي الوزارة لضبط الأمور، فقام بإلغاء دستور صدقي 1930م والعودة إلي دستور 1923م وجرت الانتخابات وفاز بها الوفد وتولي مصطفي النحاس الوزارة في مايو 1936م.
وكان ذلك بعد تولي الملك فاروق الحكم في مصر في 28 أبريل 1936م واستمر العمل بدستور 1923 إلى أن تم عزل الملك فاروق في 26 يوليو 1952م.
اقرأ أيضًا.. تاريخ الحياة النيابية في مصر -1الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- ماذا حدث في يوم بعاث ؟
- أعظم الفتوحات التي حدثت زمن الحجاج بن يوسف
- حوار الصحابي ربعي بن عامر مع رستم قائد الفرس .. مشهد من ماضٍ مجيد
- كم مرة أشار فيها القرآن لأرض الشام؟
- 7 أسباب أسهمت في سقوط دولة الموحدين بالأندلس
التعليقات
إرسال تعليقك