ملخص المقال

قصة الإسلام لايت
يقسم الشيخ الرئيس ابن سينا [1]، منذ أوائل القرن الخامس الهجري (الحادي عشر الميلادي) التلوث إلى نوعين: تلوث طبيعي أو عادي أو بسيط، وتلوث خارج عن العادة وفوق الطبيعي، وهذا التقسيم هو ما تقوله التعريفات العلمية الحديثة لقضية التلوث .
ويقرر في كتابه القانون في الطب أن "الأسباب المغيرة لأحوال الأبدان والحافظة لها إمَّا ضرورية لا يتأتى للإنسان التفصيل عنها في حياته، وإما غير ضرورية"، فجعل أول الضروريات "جنس الهواء المحيط وجنس ما يؤكل ويشرب"..
ويسمي الهواء غير الملوث بـ "الهواء الجيد"، ويعرِّفه كالآتي: "الهواء الجيّد في الجوهر هو الهواء الذي ليس يخالطه من الأبخرة والأدخنة شيء غريب، وهو مكشوف للسماء غير محقون... فهذا الهواء الفاضل نقي صافٍ لا يخالطه بخار"
ويحلل بعبقرية تثير الدهشة التلوث الضار في الهواء عبر الجسيمات العالقة به، فيقول: "وأمَّا التغيرات الخارجة عن الطبيعة فإمَّا لاستحالة في جوهر الهواء وإما لاستحالة في كيفياته؛ أما الذي في جوهره فهو أن يستحيل جوهره إلى الرداءة؛ لأن كيفية منه أفرطت في الاشتداد أو النقص، وهذا هو الوباء وهو بعض تعفن يعرض في الهواء يشبه تعفن الماء المستنقع الآجن... ونعني بالهواء الجسم المبثوث في الجو وهو جسم ممتزج من الهواء الحقيقي ومن الأجزاء المائية البخارية ومن الأجزاء الأرضية المتصعدة في الدخان والغبار ومن أجزاء نارية".
ويضع ابن سينا في كتابه القانون في الطب أيضًا شروط المسكن البيئي الصحي فيقول: "ينبغي لمن يختار المساكن أن يعرف تربة الأرض وحالها في الارتفاع والانخفاض والانكشاف والاستتار وماءها وجوهر مائها... وهل هي معرَّضة للرياح أو غائرًا في الأرض ويعرف رياحهم؛ هل هي الصحيحة الباردة، وما الذي يجاورها من البحار والبطائح والجبال والمعادن، ويتعرّف حال أهل البلد في الصحة والأمراض، وأيّ الأمراض يعتاد بهم، ويتعرف قوتهم وهضمهم وجنس أغذيتهم، ويتعرف حال مائها، وهل هو واسع منفتح أو ضيّق المداخل مخنوق المنافس. ثم يجب أن يجعل الكوى (النوافذ) والأبواب شرقية شمالية، ويكون العمدة على تمكين الرياح المشرقية من مداخلة الأبنية، وتمكين الشمس من الوصول إلى كل موضع فيها فإنها هي المصلحة للهواء، ومجاورة المياه العذبة الكريمة الجارية الغمرة النظيفة التي تبرد شتاء وتسخن صيفًا خلاف الكامنة، أمرٌ جيد منتفع به".
[divider]
([1]) ابن سينا: هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا (370- 428هـ = 980- 1037م) الفيلسوف الرئيس، صاحب التصانيف في الطب والمنطق والطبيعيات والإلهيات، ولد في إحدى قرى بخارى..
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- قصة المـَثَل العربي الشهير .. «سَبَقَ السَّيْفُ العَذَلَ»
- خريطة بأسماء وأماكن مدن الأندلس القديمة
- لماذا أحب العلماء الوقف الإسلامي؟
- حوار الصحابي ربعي بن عامر مع رستم قائد الفرس .. مشهد من ماضٍ مجيد
- نص خطاب جعفر بن أبي طالب مع النجاشي ملك الحبشة
التعليقات
إرسال تعليقك