ملخص المقال
كانت مصر بعد وفاة صلاح الدين هدفًا للحملات الصليبية المتتالية وكان خلفاء صلاح الدين يتصدون لها باستمرار، غير أن الحدث الأبرز في تلك المواجهات كانت عندما تصدى الملك الصالح نجم الدين أيوب مع مماليكه لجيوش الحملة الصليبية السابعة بقيادة ملك فرنسا لويس التاسع Louis IX الذي قرر احتلال مصر لاعتقاده أن استرجاع بيت المقدس لايمكن أن يتحقق إلا بالقضاء على قوتها، وفعلًا استطاعت هذه الحملة أن تصل إلى دمياط لكنها منيت بهزيمة كبرى في المنصورة سنة 647هـ/1249م ومع أن الصالح أيوب أدركته الوفاة في أثنائها، فإن شجرة الدر كتمت نبأ وفاته وتابع مماليكه الحرب بقيادة ولده توران شاه وألحقوا الهزيمة بالصليبيين بعد قتل وأسر عدد كبير منهم، وكان من بين أسراهم قائد الحملة نفسه لويس التاسع الذي لم يسرح إلا بفدية كبيرة مع الالتزام بألا يعود إلى مثلها في قادم الأيام.
شكل المماليك الذين جلبهم سلاطين الدولة الأيوبية معظم الجيش الذي اعتمدوا عليه في منازلة خصومهم، وبعد وفاة السلطان نجم الدين أيوب استأثر هؤلاء بالحكم إثر مقتل ولده طوران شاه، واتفقت كلمتهم على تولية شجرة الدر عرش السلطنة، لكن هذا الإجراء لقي معارضة من جانب بعض المحافظين الذين استنكروا أن تلي أمر المسلمين امرأة فتزوجت شجرة الدر أتابك الجيش (قائده) عز الدين أيبك ليكون ستارًا تحكم من خلاله، غير أن أيبك استبد بالأمر وانفرد بالسلطة دونها فسعت إلى اغتياله لكن مماليكه قتلوها بالوقت الذي كان فيه المغول يكتسحون أقاليم الخلافة العباسية من جهة الشرق، فحزموا أمرهم واختاروا المظفر قطز ليكون سلطانًا على مصر.
ينتمي المماليك إلى أعراق مختلفة، لكن غالبيتهم من الأتراك والشراكسة، وفيهم بعض الروم والأكراد والأوربيون، جيء بهم للتجنيد على فترات من شبه جزيرة القرم، والقوقاز، والقبجاق، وآسيا الصغرى، وتركستان، وبلاد ما وراء النهر. وقد اتفق المؤرخون على أن المماليك صنفان عرف الصنف الأول باسم المماليك البحرية، أو الأتراك؛ عرفوا بهذا الاسم لأن إقامتهم كانت بجزيرة الروضة في النيل قبالة القاهرة. حكمت هذه الجماعة مصر بالفترة مابين 655-784هـ/1257- 1382م. وبلغ عدد سلاطينها أربعة وعشرين سلطانًا، بدأت بعز الدين أيبك وانتهت بالسلطان حاجي بن شعبان، من أحفاد الناصر قلاوون، أما المجموعة الثانية فتعرف بالمماليك البرجية؛ لأن الأشرف خليل بن قلاوون أسكنهم في أبراج قلعة القاهرة وهم من الشراكسة، بدأ حكمهم بفرج بن برقوق وانتهى بمقتل السلطان الثالث والعشرين طومان باي سنة 923هـ/1517م.
وعلى العموم يمكن القول إن دولة المماليك كانت امتدادًا للدولة الأيوبية من حيث الإدارة والنهج، وفي مدة حكمهم في مصر خضعت لهم بلاد الشام والحجاز وبعض سواحل اليمن، وتصدوا للمغول وانتصروا عليهم في معركة عين جالوت الشهيرة 658هـ/1260م، وأخرجوهم من بلاد الشام ثم تصدوا للصليبيين من بعدهم واستردوا منهم بعض المدن الساحلية، ومنها كانوا يشنون الحملات على القواعد والإمارات الصليبية إلى أن قضوا على وجودهم نهائيًا سنة 692هـ/1292م.
وبعد نجاح البرتغاليين باكتشاف رأس الرجاء الصالح تصدوا لطلائعهم التي وصلت إلى سواحل شبه الجزيرة العربية والبحر الأحمر، غير أنهم أخفقوا في مواجهتها لأن دولتهم آنذاك كانت على وشك السقوط في أعقاب هزيمتهم أمام العثمانيين في معركة مرج دابق سنة 922هـ/1516م ليسدل الستار على الدولة المملوكية في أعقاب معركة الريدانية سنة 923هـ/1517م.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- هل لك خبيئة صالحة؟!
- قصة آل عمران .. العائلة التي كرَّمها الله في القرآن الكريم
- مليون جنيه لمواجهة فيضان النيل عام 1946
- كم مرة أشار فيها القرآن لأرض الشام؟
- إنفوجرافيك | سلسلة مناسك الحج -3
التعليقات
إرسال تعليقك