ملخص المقال

أسطورة حرق السفن وفتح المسلمين للأندلس ما قصة ذلك وما حقيقته؟
هناك قضية اشتهرت في التاريخ الإسلامي والتاريخ الأوربي وهي قضية حرق طارق بن زياد للسفن التي عبر بها إلى بلاد الأندلس قبل موقعة الفتح وهي موقعة وادي برباط.
وقد ذكرت الروايات الأوربية وبعض المصادر الإسلامية أن طارق بن زياد أحرق كل السفن التي عبر عليها!! وذلك حتى يحمس الجيش الإسلامي على القتال والاستبسال وانتشرت هذه القولة ونسبت زورا لطارق بن زياد :" البحر من ورائكم والعدوُّ من أمامكم، فليس لكم نجاة إلاَّ في السيوف".
وهناك أسباب مختلفة تدل على بطلان الرواية وأسطوريتها كما يلي:
هذه الرواية لم تأت في روايات المسلمين الموثوق بتأريخهم، وإنما أتت إلينا من خلال الروايات الأوربية التي كتبت عن معركة وادي بَرْبَاط، وبالتالي فإن هذه الرواية ليس لها سند صحيح.
ولو أحرق طارق هذه السفن بالفعل لتطلَّب ذلك ردَّ فعل من قِبَل موسى بن نصير أو الوليد بن عبد الملك استفسارًا عن هذه الواقعة، وكل المصادر التاريخية التي أوردت هذه الرواية وغيرها لم تذكر على الإطلاق أي ردِّ فعل من هذا القبيل.
والمصادر الأوربية قد أشاعت هذا الأمر؛ لأن الأوربيين لم يستطيعوا أن يُفَسِّروا كيف انتصر اثنا عشر ألفًا من المسلمين الرجَّالة على مائة ألف فارس من القوط النصارى في بلادهم، وفي أرض عرفوها، وقالوا إن طارق بن زياد قام بإحراق السفن ليصل بالمسلمين إلى فكرة الاستماتة في القتال والهروب من الموت المحقق.
والناظر في صفحات التاريخ الإسلامي يجد أن الأصل هو أن ينتصر المسلمون وهم قلَّة على أعدائهم الكثيرين؛ بل ومن العجيب أنه إذا زاد المسلمون على أعدائهم في العدد، واغترُّوا بتلك الزيادة أن تكون النتيجة هي الهزيمة للمسلمين.
كما أنه ليس من المعقول أن قائدًا محنَّكًا مثل طارق بن زياد يقدم على إحراق سفنه، وقطع خطِّ الرجعة على جيشه، فماذا لو انهزم المسلمون في هذه المعركة، وهو أمر وارد وطبيعي جدًّا؟
فهناك إذًا احتمال أن ينسحب المسلمون من ميدان المعركة، ومن هنا فإنَّ مسألة حرق السفن هذه تُعَدُّ تجاوزًا شرعيًّا كبيرًا، لا يُقدِم عليه مثل طارق بن زياد.
كما أن طارق بن زياد كان لا يملك كل السفن التي كانت تحت يديه؛ فبعضها قد أعطاها له يليان صاحب سبتة بأجرةٍ ليعبر عليها ثم يُعيدها إليه بعد ذلك؛ فيعبر بها يُليان إلى الأندلس ومن ثَمَّ فلم يكن من حقِّ طارق بن زياد إحراق هذه السفن.
للمزيد ..
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- قصة فتح سمرقند العجيبة!
- حكاية مسجد السيدة الأثري في الجزائر
- حوار الصحابي ربعي بن عامر مع رستم قائد الفرس .. مشهد من ماضٍ مجيد
- قصة هبل أول صنم قدّسه العرب قبل الإسلام
- وفاة الشيخ أحمد ديدات
التعليقات
إرسال تعليقك