قلعة صلاح الدين الأيوبي والمعروفة باسم "قلعة الجبل" تعد من أفخم القلاع الحربية التي شيدت في العصور الإسلامية، وهي إحدى أهم معالم القاهرة الإسلامية.

ولقد كان السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب أول من فكر في بناء القلعة على ربوة الصوة فى عام 572هـ/1176م؛ حيث قام وزيره بهاء الدين قراقوش، بهدم الأبنية التي كانت موجودة على الربوة لكى يقوم ببناء القلعة عليها.

وذكر المؤرخون عن سبب بناء القلعة أن السلطان صلاح الدين لما أزال الدولة العبيدية الفاطمية في مصر، لم يتحول من دار الوزارة بالقاهرة، فأراد صلاح الدين حماية القاهرة من أي عدوان خارجي، وفي نفس الوقت حماية سلطانه من أي تمرد داخلي.

فأمر حينئذ بإنشاء قلعة هناك وأقام على عمارتها الأمير بهاء الدين قراقوش فشرع في بنائها وبنى سور القاهرة وقصد أن يجعل السور يحيط بالقاهرة والقلعة ومصر، فمات السلطان قبل أن يتم الغرض من السور والقلعة.

 وكان صلاح الدين الأيوبي قد غادر القاهرة متجها إلى بلاد الشام عام 579هـ/1183م قبل إتمام بناء القلعة ولم يقدر له العودة مرة أخرى إلى القاهرة؛ حيث مات عام 589هـ/1193م ودفن في دمشق. وبعد ست سنوات من العمل، أُنجز معظم بناء القلعة، لكنه لم يتم كله.

إلى أن جاء عهد الكامل محمد بن الملك العادل الأيوبي، فأتم بناءها، وذلك عام 604هـ/1207م، واتخذها سكنًا له، وظل يسكنها حتى مات، فاستمرت من بعده دار مملكة مصر.

ولقد مر بهذه القلعة العديد من الأحداث التاريخية وفيها توج سلاطين وذبح آخرون، وظلت منذ أن أنشأها صلاح الدين الأيوبي مقرًا للحكم في عهد الأيوبيين، والمماليك، والعثمانيين حتى عهد أسرة محمد علي باشا. واستمرت كذلك إلى عصر الخديوي إسماعيل إلى أن اتخذ قصر عابدين مقرًا للملك.

وبعد غزو فرنسا لمصر ذكر الجبرتي في كتابه "عجائب الآثار" أن الفرنسيين قد قاموا بهدم الكثير من المنشآت بالقلعة وغيروا من معالمها من أجل تحصينها، وقد ترك العلماء الذين رافقوا الاحتلال الفرنسي لمصر لنا أقدم خريطة للقلعة في كتابهم "وصف مصر"؛ حيث وضعوا به مخططا كاملا للقلعة في القرن الثامن عشر الميلادي.

وعندما احتلت بريطانيا مصر سنة 1882م اتخذت القلعة مقرا للقيادة حتى سنة 1946م عندما تم جلاء الإنجليز من القلعة في عهد الملك فاروق الأول، وتم رفع العلم المصري بها؛ حيث تسلمها الجيش المصري وظلت تحت قيادته إلى أن تسلمتها هيئة الآثار المصرية سنة 1983م، فقامت بالعديد من أعمال الترميم والإصلاح.