ملخص المقال
آل عمران هي إحدى العائلات القليلة ذات المكانة العظيمة على مرِّ التاريخ؛ تستمدُّ عظمتها من اصطفاء الله تعالى وتفضيله لها على سائر العالمين
مَن آل عمران؟
هي إحدى العائلات القليلة ذات المكانة العظيمة على مرِّ التاريخ؛ تستمدُّ عظمتها من اصطفاء الله تعالى وتفضيله لها على سائر العالمين، حيث يقول الله عز وجل: {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[آل عمران 33-34].
وآل عمران يُنسبون إلى عمران بن مَاثَان بن العازر بن اليود... بن سليمان بن داود عليه السلام، وأصله بالعبرانية (عمرام) بميم في آخره، وفي كتب النصارى: أنَّ اسمه (يوهاقيم)، فلعلَّه كان له اسمان.
ويمتدُّ نسب «عمران» إلى سيِّدنا داود عليه السلام، ومِنْ ثَمَّ فآل عمران هم فرعٌ آخر مؤمنٌ من فروع بني إسرائيل، ولكن يفصل بينهم وبين يعقوب عليه السلام (إسرائيل) قرونٌ عديدة..
أفراد آل عمران:
* الزوجة (امرأة عمران):
اسمها حَنَّةُ بنت فَاقُودَ (وقيل: قاعود) بْنِ قُبَيْلَ وكانت رحمها الله من العابدات القانتات، وقد ورد ذكرها في القرآن الكريم {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [آل عمران:35].
* الأبناء:
أَشْيَاعَ:
وهي الابنة الكبرى لعمران، وزوج نبيِّ الله زكريا، وأمُّ نبيِّ الله يحيى عليهما السلام، وقيل: إنَّها خالة مريم وليست أختها.
مريم:
العذراء الصدِّيقة القانتة الطاهرة المصطفاة، أمُّ نبيِّ الله وكلمته عيسى عليه السلام، وهي من أفضل نساء العالمين وأكملهنَّ كما بيَّن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث يقول: «كَمَلَ مِنَ الرِّجالِ كَثِيرٌ، ولَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّساءِ إلَّا مَرْيَمُ بنْتُ عِمْرانَ، وآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وفَضْلُ عائِشَةَ علَى النِّساءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ علَى سائِرِ الطَّعامِ».
وقد تعرَّضت السيدة مريم العذراء لاتِّهامات بالزنا سواء حال حياتها أم تاريخيًّا وإلى الآن من زمرة من الأفاكين الملاعين لعنهم الله. وقد أثبت الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم براءتها من تلك التُّهمة الشنعاء وهذا الإفك المبين في أكثر من موضع.
فنجده سبحانه وتعالى تارةً يرمي اليهود بالكفر في معرض توبيخهم لاتهامهم السيدة مريم بالزنا، فيقول تعالى:
{وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا...} [النساء 156:4]. وتارة سبحانه يؤكد على حصانتها وطهارتها وشدة إيمانها، فيقول عز وجل: {وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم 12:66]. ويقول أيضًا: {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آَيَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء 91:21].
الأحفاد:
عيسى عليه السلام:
هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول، قال تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء : 171].
أرسله الله إلى بني إسرائل يدعوهم إلى توحيد الله وعبادته سبحانه وتعالى، فيقول تعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصف: 6].
وقال عز وجل: {وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرائيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72].
واعتقادنا فيه -نحن المسلمين- أنَّه قد رفعه الله تعالى إليه بروحه وجسده، وهو حيٌّ الآن في السماء، ولم يُقتل ولم يُصلب؛ حيث قال تعالى: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ۚ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: 157-158].
وسينزل بإذن الله في آخر الزمان ليقتل المسيح الدجال وينشر العدل، كما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من موضع؛ فيقول صلى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا فيكسر الصَّليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد، -وزاد في رواية- وحتى تكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها» (متفقٌ عليه).
وصف عيسى عليه السلام:
وقد وصفه لنا نبينا صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود بإسنادٍ صحيحٍ من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
«ليس بيني وبينه نبي -يعني عيسى عليه السلام- وإنَّه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنَّه رجلٌ مربوع، إلى الحمرة والبياض، ينزل بين ممصرتين، كأنَّ رأسه يقطر وإن لم يُصبه بلل، فيُقاتل الناس على الإسلام، فيدقَّ الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويُهلك اللهُ في زمانه المللَ كلَّها إلَّا الإسلام، ويهلك المسيح الدجال، ثم يمكث في الأرض أربعين سنة، ثم يُتوفَّى ويُصلِّي عليه المسلمون».
يحيى عليه السلام
هو عبد الله ونبيه يحيى بن زكريا عليهما السلام، وهو استجابة الله لدعاء زكريا عليه السلام، وبشارة الله له بعد أن بلغ من الكبر عتيَّا، فيقول تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء (38) فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ}. [آل عمران: 38-39].
ولم يُسمَّ أحدٌ قبله بهذا الاسم الجميل (يحيى) {لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْل سَمِيَّا}، وكان يحيى عليه السلام غلامًا ذكيًّا، أحكم الله عقله، وآتاه الحكم صبيًّا، عاشقًا للعبادة، عاكفًا في محراب العلم، محصيًا لمسائل التوراة، عالمـًا عاملًا بما فيها، قوَّالًا في الحق، لا يخشى في الله لومة لائم، ولا يهاب أيَّ ظالم.
وقد جاء تشريفه على لسان نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: حيث قال: «لا ينبغي لأحدٍ أن يقول: أنا خيرٌ من يحيى بن زكريا. قلنا: يا رسول الله، ومن أين ذاك؟ قال: أَمَا سمعتم اللهَ كيف وَصَفَه في القرآن، فقال: {يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12]، فقرأ حتى بلغ: {وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 39]، لم يعمل سيئةً قط، ولم يَهُمَّ بها». رواه الطبراني في الكبير والبزَّار.
وفاة يحيى عليه السلام
اختلف العلماء في طريقة وفاته، معتمدين على روايات عدَّة أغلبها من الإسرائيليات، ومن أصح تلك الروايات: «ما قتل يحيى بن زكريا إلا في امرأة بغي قالت لصاحبها لا أرضى عنك حتى تأتيني برأسه، فذهب فأتاها برأسه في طست».
وكذلك ما رواه عبد الله بن الزبير قال: «قتل يحيى بن زكريا في زانية كانت جارية». وقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية تفصيل هذا الخبر، فذكر أنَّ أحد الملوك بدمشق كان يُريد أن يتزوَّج ببعض محارمه، أو بمن لا يحلُّ له تزويجها، فنهاه يحيى عن ذلك، فبقي في نفسها منه، فلمَّا كان بينها وبين الملك ما يحبُّ منها، استوهبت منه دم يحيى، فوهبه لها فبعثت إليه من قَتَلَهُ.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- شاهد بالصور الكعبة والمسجد النبوي من الفضاء
- اعرف نبيك .. 7 كتب لا غنى عنها في السيرة النبوية
- أول من أثبت كروية الأرض
- شكل سيدنا موسى عليه السلام كما رآه النبي في الإسراء والمعراج
- حوار الصحابي ربعي بن عامر مع رستم قائد الفرس .. مشهد من ماضٍ مجيد
التعليقات
إرسال تعليقك