ملخص المقال
العربي لدى شهر رمضان أهميّة خاصة بالنسبة لملايين المسلمين في فرنسا الذين يحرصون على أداء طقوسه، على الرغم من أنها تتعارض بشكل كبير مع إيقاع الحياة في البلاد. ويحاولُ بعض المسلمين التوفيق بين الصيام عن الأكل والشرب، وبين احترام نظام العمل في البلاد، في ظل ازدياد مشاعر العداء للإسلام بعد اعتداءات باريس الأخيرة. يعمل حميد، وهو تونسي، في محل للجزارة في الدائرة 19 في باريس. في هذه المنطقة، يعيش عدد كبير من الجاليات العربية والمسلمة. فيها أيضا سوق كبير في حي باريس الشهير، وعادة ما يقصده المسلمون من مختلف أحياء وأطراف العاصمة للتبضّع وشراء لوازم رمضان من طعام وشراب، وغيرها من المواد الغذائية. يقول حميد وهو يرتّب علب التمور الجزائرية والتونسية والمغربية على الرف: "أقضي رمضان في فرنسا كما كنت أقضيه في تونس. لا فرق. كلّنا عرب ومسلمون في هذا الحي. في رمضان ، نغيّر توقيت العمل ليلائم زبائننا. نفتح محلاتنا حوالي الساعة الحادية عشرة صباحا، ونغلق قبل موعد الإفطار بنحو نصف ساعة". وعن التغيرات التي تطرأ في رمضان بالمقارنة مع الأشهر الأخرى، يقول: "نُضاعف عملنا لأن الزبائن يقبلون بكثرة على شراء كميات كبيرة من اللحوم والدواجن والمواد الغذائية الأخرى". يضيف: "أُفضل العمل في رمضان لقتل الوقت". في المقابل، يعمل عبد العال ، وهو مصري، في مؤسسة صحافية فرنسية في باريس. يقول إنه يعاني كثيرا في شهر رمضان بسبب عدم تغيّر ساعات العمل، لتتلاءم مع متطلبات الشهر. ويوضح قائلا: أن الدوام يبدأ من الساعة الثامنة صباحاً وحتى السابعة مساء، مشيرا إلى أنه لا يجد مشكلة كبيرة في الصيام، لكنه يعاني من التعب بسبب قلة النوم. بعد الإفطار، يحرص على الذهاب إلى المسجد لأداء صلاة التراويح، ويعود إلى البيت بعد منتصف الليل.. أما بالنسبة لرشيد، وهو مهاجر مغربي يعيش في فرنسا منذ 15 عاما، ويدير محلا لبيع شطائر الكباب في باريس منذ نحو ست سنوات، فيقول إنه لم يتغير شيء في ما يتعلق بمواعيد العمل وطبيعته؛ لأن 90 في المائة من زبائنه لا يصومون في رمضان. يتابع لـ "العربي الجديد": "علي أن أبدأ العمل في العاشرة صباحاً، وأغلق المحل عند منتصف الليل". لا يزعجه العمل في محل يقدم المأكولات، على الرغم من امتناعه عن الأكل والشرب طوال النهار. يوضح أنه "اعتاد العمل منذ ست سنوات، وإعداده الشطائر لا يؤثر مطلقاً على صيامه". يزعجه فقط أنه يتواجد باستمرار قرب الشواية لطهي شرائح اللحم، ما يجعله في حالة عطش دائمة. يشير إلى أنه لا يُغيّر كثيراً من عاداته خلال شهر رمضان، ويحاول أن يتكيف مع إيقاع الحياة في باريس. عادة ما ينام أقل من العادة لأنه يسهر قليلاً في الليل. من الناحية الاقتصادية، يمثل رمضان شهرا استثنائيا لناحية ارتفاع وتيرة الاستهلاك الغذائي لدى الجاليات العربية والمسلمة. وبحسب تقديرات المراقبين، يزداد الاستهلاك في هذا الشهر بنسبة 30 في المائة بالمقارنة مع بقية أشهر السنة. وتجدر الإشارة إلى أن عادة ما تنتفع المحال الإسلامية بصورة كبيرة خلال هذا الشهر، علما أن المتاجر الفرنسية الكبرى دأبت منذ نحو عشر سنوات على التكيف مع أجواء رمضان، وتحقيق أرباح إضافية وجذب المزيد من المستهلكين المسلمين من خلال إقامة أجنحة خاصة تعرض المواد الغذائية "الحلال"، وخصوصاً اللحوم والدواجن والحلويات والألبان والأجبان وغيرها. وبحسب دراسة نشرها مكتب "سوليس" المتخصص في مجال التسويق عام 2011، تنفق بيوت المسلمين نحو 400 مليون دولار في شهر رمضان. هذا الرقم تعرفه المتاجر الفرنسية الكبرى جيدا، ما يجعلها تسعى بشكل كبير إلى إرضائهم من خلال سياسات تسويقية خاصة بالمستهلكين المسلمين، لحثهم على الإنفاق في محالها. ربّما عرف عدد كبير من الفرنسيين بعض عادات وتقاليد رمضان وإن كان لا يتقبلها الجميع، إلا أن معظم المسلمين يحرصون على ألا يؤثر صيامهم على سير العمل، وخصوصا أن ساعات العمل في هذا الشهر تبقى على حالها ولا تتغير.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- قصة عزل خالد عن قيادة الجيش
- منازل يهود خيبر
- قصة الإمام مالك مع أبي جعفر المنصور
- هل لك خبيئة صالحة؟!
- حج إبراهيم عليه السلام
التعليقات
إرسال تعليقك