إنه العالم الجغرافي الفذ والقائد البحري العثماني الذي كان أميرا للبحار ويدعى بيري ريس ، واسمه الكامل محيي الدين بن محمد الريس (ت 960هـ - 1513م)؛ والذي كان له الفضل في رسم أقدم خريطة لأميركا.

وهذه الخريطة اكتشفها مستشرق ألماني اسمه Kahle عندما عثر عليها في مكتبة (توب كابي سراي) بإستانبول، ونشرها على العالم سنة 1929م، بعد تحقيق علمي دُولي استمرَّ لسنوات بعد أن حيرت هذه الخريطة العالم كله.

وهي في الواقع أكثر من خريطة مفردة؛ فهي تُبيِّن المحيط الأطلسي، وفي الشرق ترى إسبانيا والساحل الإفريقي، وفي الغرب ترى القارة الأميركية بسواحلها، وجزرها، وموانيها، وسكانها في ذلك الحين الهنود الحمر، الذين يرسمهم عُرَاة وهم في الرعي.

وفي 26 أغسطس سنة 1956م عُقِدَت في جامعة جورج تاون بالولايات المتحدة الأميركية ندوة إذاعية عن خرائط بيري ريس، اتَّفق كلُّ الجغرافيين فيها بأن خرائط بيري ريس لأميركا اكتشاف خارق للعادة ومعجزة من المعجزات.

وأعجب ما في خرائط بيري ريس أن العلماء المشتغلين بالأقمار الاصطناعية وتصوير الأرض من خلالها فوجئوا بعد ظهور أوَّل صورة مأخوذة من القمر الاصطناعي لهذه المناطق أن خرائط محيي الدين الريس أدق مِن كل ما عرَفوه وتصوَّروه, وأنها تُطابق تمامًا صور القمر الاصطناعي, وأن معلوماتهم هي التي كانت خاطئة.

وهذا الأمر دفع فريقا من العلماء العاملين بوكالة الفضاء الأميركية لإعادة دراسة الخرائط مُقَطَّعة بعد تكبيرها عدَّة مرَّات، فكانت المفاجأة الثانية، وهي أن بيري ريس قد وضع في خرائطه القارة السادسة في القطب الجنوبي والمسمَّاة Antarctica قبل اكتشافها بأكثر من قرنين، كما أنه وصف جبالها ووديانها التي لم تُكتشف حتى سنة 1952م.

فرحم الله بيري ريس الجغرافي العملاق أمير البحر والحرب ومفخرة الدولة العثمانية الذي بهر العالم كله بخرائطه الدقيقة العجيبة.

للمزيد..

د.راغب السرجاني .. قصة العلوم في الإسلام