ملخص المقال
تعرف على السلطان العثماني الذي أعلن الحرب على خمس دول أوروبية نصرة لمسلمي الأندلس
بعد احتلال الإسبان للأندلس وصل الوفد الأندلسي إلى «إسطنبول» عاصمة الدولة العثمانية، التي كان على رأسها السلطان بايزيد الثاني ابن السلطان محمد الفاتح، وقام رئيس الوفد بتسليم رسالة استغاثة مؤثرة حفظها التاريخ من مسلمي الأندلس إلى السلطان.
رسالة مؤثرة
جاءت الرسالة على الشكل التالي: «الحضرة العلية! وصل الله سعادتها، وأعلى كلمتها، ومهَّد أقطارها، وأعزَّ أنصارها، وأذلَّ عُداتها. حضرة مولانا وعمدة ديننا ودنيانا، السلطان الملك الناصر، ناصر الدنيا والدين، وسلطان الإسلام والمسلمين، قامع أعداء الله الكافرين، كهف الإسلام، وناصر دين نبيِّنا محمد صلى الله عليه وسلم، مُحيي العدل، ومنصف المظلوم ممَّن ظلم، مَلِك العرب والعجم، والترك والديلم، ظِل الله في أرضه، القائم بسنَّته وفرضه، ملك البرَّين، وسلطان البحرين، حامي الذِّمار، وقامع الكفَّار، مولانا وعمدتنا، وكَهفنا وغيثنا..
ما زال ملكه موفور الأنصار، مقرونًا بالانتصار، مخلَّد المآثر والآثار، مشهور المعالي والفخار، مستأثرًا من الحسنات بما يُضاعف الأجر الجزيل، في الدار الآخرة والثناء الجميل، والنصر في هذه الدار، ولا برحت عزماته العليَّة مختصَّة بفضائل الجهاد، ومجرَّدة على أعداء الدين من بأسها، ما يروي صدور السفح والصفاح، وألسنة السلاح بَاذِلة نفائس الذخائر في المواطن التي تألف فيها الأخاير مفارقة الأرواح للأجساد، سالكة سبيل الفائزين برضا الله وطاعته يوم يقوم الأشهاد».
«بايزيد الثاني» يفعل ما يستطيع
بعد هذه الرسالة دعا السلطان بايزيد الثاني الصدر الأعظم والوزراء والقواد إلى مجلس اجتماع طارئ لبحث الموقف، وما الذي تستطيع الدولة العثمانية تقديمه في تلك الظروف.. بحث المشاركون في المجلس الظروف التي تمرُّ بها الدولة العثمانية آنذاك، ونوع ومدى المساعدة التي تستطيع الدولة تقديمها لمسلمي الأندلس؛ ولسوء حظِّ مسلمي الأندلس؛ فقد كانت الدولة العثمانية تمرُّ بظروفٍ قاسيةٍ جدًّا، كما كان بُعْد المسافة، وعدم وجود طريق برِّيٍّ مباشرٍ إليها يزيد من حدَّة المشكلة ويعقدها.
بعد دراسةٍ لكافَّة الظروف الداخليَّة والخارجيَّة قرَّر السلطان بايزيد إرسال قوَّةٍ بحريَّةٍ تحت قيادة «كمال ريس» على وجه السرعة، كان ذلك في عام (892هـ= 1487م)؛ أي قبل سقوط غرناطة بخمس سنوات، وكانت الدولة العثمانية بعملها هذا تُعلن الحرب على عدَّة دولٍ مسيحيَّة في أوروبَّا؛ كانت تُعلن الحرب على قسطاليا، وآراغون، ونابولي، وصقلية، والبندقية.
أي أنَّ الدولة العثمانية على الرغم من مشاكلها الكثيرة كانت الدولة الإسلاميَّة الوحيدة التي مدَّت يد العون لمسلمي الأندلس على قدر طاقتها، ودخلت من أجلهم في حالة حربٍ مع دول عدَّة؛ بينما توقَّفت عن ذلك الدول الإسلامية الموجودة في شمالي إفريقيا، والتي كان بإمكانها من الناحية الجغرافيَّة مساندة مسلمي الأندلس؛ كالدولة الحفصية في تونس، والدولة الوطاسية في المغرب.
محاولات عثمانية لنصرة الأندلس
قام «كمال ريس» بضرب سواحل جزر جاربا، ومالطا، وصقلية، وساردونيا، وكورسيكا، ثم ضرب سواحل إيطاليا ثم سواحل إسبانيا، وهدم العديد من القلاع والحصون المشرفة على البحر في هذه السواحل، وكان أحيانًا يُنزل جنوده في بعض السواحل لهدم تلك القلاع، ولكنَّه لم يكن يستطيع البقاء طويلًا؛ لأنَّ الحرب البحريَّة لا تكفي للاستيلاء على المدن، ولا سيَّما المدن الداخليَّة البعيدة عن البحر، فلا بُدَّ من مشاركة القوَّات البرِّيَّة التي تستطيع التوغُّل في الداخل، وتثبيت وإدامة السيطرة على المدن المفتوحة.
ولم يكن هذا ممكنًا آنذاك، لبُعد الشقة بين الأندلس وبين الدولة العثمانية، وكذلك بين مصر والأندلس، ولو صرفت الدولة العثمانية كل طاقتها وحاولت الوصول بَرًّا إلى الأندلس لكان عليها محاربة العديد من الدول الأوروبِّيَّة لعشرات الأعوام، هذا علمًا بأنَّ الدول الأوروبِّيَّة كانت قد قطعت كلَّ صلةٍ لمسلمي الأندلس مع البحر الأبيض المتوسط، كما سدُّوا مضيق جبل طارق ليمنعوا وصول أيِّ نجدةٍ إليهم من الدول الإسلامية.
وقام «كمال ريس» بقصف بعض سواحل تونس؛ بسبب كون الدولة الحفصيَّة الحاكمة في تونس في حلفٍ مع الإسبان ومع فرنسا ضدَّ إخوانهم من مسلمي الأندلس.
وكم كان من المؤسف أنَّ هذه القوَّة البحرية العثمانية اضطرَّت أخيرًا إلى مواجهة الدولة الحفصية في تونس لكونها تقوم بمساعدة الفرنسيِّين، ولكون الدولة العثمانية في حربٍ مع المماليك؛ فقد وقعت هذه القوَّة البحريَّة بين نارين، لذا لم تؤدِّ هجمات هذه القوَّة البحريَّة إلى نتائج ملموسة!
سقوط الأندلس
وفي عام (897هـ= 1492م) استسلمت مدينة غرناطة، وانتهى حكم المسلمين في الأندلس، ولكن هذه القوَّة البحرية قامت بنقل ما يُقارب من 300 ألف من المسلمين التاركين بيوتهم، والهائمين على وجوههم من الأندلس إلى المغرب وإلى الجزائر.
ويمكنكم الاطلاع على رأي الأستاذ الدكتور راغب السرجاني على شبهة تخاذل العثمانيين وخاصة محمد الفاتح وابنه بايزيد الثاني في نصرة ومساعدة أهل الأندلس وقت سقوطها في الفيديو التالي:
المصدر: مرحبًا تركيا.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- قصة الإمام مالك مع أبي جعفر المنصور
- ألقاب أم المؤمنين عائشة
- شكل سيدنا موسى عليه السلام كما رآه النبي في الإسراء والمعراج
- جملة قالها المسلمون كانت سببا في ضياع الأندلس
- حدث في 9 رمضان .. فتح صقلية بقيادة أسد بن الفرات
التعليقات
إرسال تعليقك