ملخص المقال
"رأينا قومًا الموت أحب إلى أحدهم من الحياة، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة، إنما جلوسهم على التراب، وأكلهم على ركبهم، وأميرهم كواحد منهم"
قصة الجيش الذي فتح مصر، قصة إلى الخيال هي أقرب، وبطولات كالأساطير بل هي أغرب، شيخ تجاوز الستين يقود جيشًا في أقله أربعة آلاف، وفي أكثره ثمانية آلاف، أو حتى اثني عشر ألفًا، يعبر بهم صحراء سيناء وهي المفازة التي تبتلع الجيوش.. ويسير الجيش الصغير يغالب الحر والقر، بعد أنْ قاتل على امتداد ثمانية أعوم حتى أخضع "فلسطين" والشام وانتزعها من قبضة الروم البيزنطيين.
ولم يكن هذا الجيش على قلة عدده وضعف عدته جيشًا من الخراف، وإنما كان جيشًا من الأسود، أثبت جدارته في جميع الحروب التي خاضها، وبرهن على كفاءته عبر جميع المعارك التي خرجا منها منتصرًا[1].
وعندما سأل المقوقس رسله عن هذا الجيش قالوا له: "رأينا قومًا الموت أحب إلى أحدهم من الحياة، والتواضع أحب إلى أحدهم من الرفعة، ليس لأحدهم في الدنيا رغبة ولا نهمة، إنما جلوسهم على التراب، وأكلهم على ركبهم، وأميرهم كواحد منهم، ما يُعرف رفيعهم من وضيعهم، ولا السيد منهم من العبد، وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها منهم أحد، يغسلون أطرافهم بالماء، ويخشعون في صلاتهم، فقال عند ذلك المقوقس: والذي يُحلف به لو أنَّ هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها، وما يقوى على قتال هؤلاء أحد"[2].
تلك هي قصة الجيش الذي فتح مصر، وقيادة مثل هذه الجيش شرفًا لا يعادله شرف في الدنيا، لاسيما وأنَّ قائده الصحابي الجليل عمرو بن العاص الذي كان جزارًا وعمل تاجرًا قبل أن يدخل الإسلام، فتكوَّن إنسانًا جديدًا، بعد أنْ آمن وأسلم، وأصبح من عظماء العرب ومن أشهر قادة الإسلام، ومن أعلام فن الحرب في التاريخ[3].
[1] بسام العسلي: قادة فتح مصر والمغرب، دار النفائس، بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 1433هـ= 2012م، ص22.
[2] المقريزي: المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، 2/ 75.
[3] بسام العسلي: قادة فتح مصر والمغرب، ص22.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- شكل سيدنا موسى عليه السلام كما رآه النبي في الإسراء والمعراج
- حول كلمة التوحيد .. أركانها وشروطها ونواقضها
- صور تروي تاريخ حلوان منذ عهد الفراعنة
- قصة فتح عين التمر وأسر قائدها العجيب
- خروج آدم عليه السلام من الجنة عقوبة أم ابتلاء؟
التعليقات
إرسال تعليقك