ملخص المقال

صحيفة القدس العربي
يصفه مؤرخون بـ مسجد الملوك والعلماء خلال العهد العثماني في الجزائر ، ويتفوق في جماله ورونقه وشساعته على أغلب المساجد بالعاصمة الجزائرية، لكن مصيره كان الهدم على يد الاحتلال الفرنسي مع غزوه البلاد عام 1830، بسبب إشاعة، وبعد قرابة قرنين من الزمن كشفت أشغال لمترو الأنفاق عن هذا المعلم الديني والكنز الأثري.
كان يسمى مسجد السيدة ويقع في ساحة الشهداء بقلب العاصمة الجزائرية، وما زالت عدة أساطير يتداولها مؤرخون حول خلفية هذه التسمية، وأسباب هدمه من قبل الفرنسيين في القرن التاسع عشر.
يجد الزّائر لورشة محطة مترو الأنفاق بساحة الشهداء، بقايا هذا المسجد العتيق إلى جانب آثار أخرى تعود إلى آلاف السّنين أي إلى الفترة الرومانية والبيزنطية.
وتتواصل بنفس المكان منذ العام 2013، حفريات وعمليات تحليل لهذه الكنوز الأثرية من قبل خبراء بالتزامن مع أشغال إنجاز محطة المترو.
وقررت السلطات الجزائرية إنجاز متحف أثري يضم هذه الكنوز داخل محطة المترو المنتظر أن يدخل حيز الخدمة 2017.
وقال سمير عميروش، من المركز الجزائري للبحوث الأثرية، إن مساحة محطة المترو تم تقليصها بأكثر من النصف، لتصبح ألف متر مربع، بعد أن كانت قرابة 3 آلاف متر مربع، في أعقاب اكتشاف هذه الآثار وذلك من أجل إنجاز متحف لها.
وأضاف: البحوث متواصلة للوقوف أكثر على هذه الكنوز الأثرية، ومنها مسجد السيدة الذي لم يبقَ منه سوى قاعدة الصومعة التي تم هدمها، وقاعة صلاة بجوار مكان بيت المال (خزينة المال في العهد العثماني) إلى جانب شبكة أحياء عريقة تعود إلى العهد العثماني أيضًا.
ومنذ اكتشاف هذه الآثار يتداول المؤرخون والباحثون في الجزائر عدة روايات عن هذا المسجد بسبب مكانته لدى الحكّام في العهد العثماني (1516/ 1830) وسط غموض حول فترة إنجازه وكذا أصل تسميته.
وفي وصفه للمسجد خلال بحث نشره منذ أيام، قال فوزي سعد الله، الباحث في التاريخ الجزائري إن الجامع كان حنفي المذهب، يصلي فيه مَن كانوا يوصفون بالأتراك من باشوات وآغوات وريّاس البحر ورجال عِلم وعامة الناس في المدينة، وتميّز طيلة قرون عن غيره من المساجد والجوامع في العاصمة الجزائرية بشساعته وجماله ورونقه وأيضًا بمجاورته القصر الملكي في العهد العثماني.
وعن تاريخ بنائه يوضح نفس الباحث ثمة اعتقاد يجمع بين أغلب مَن درسوا تاريخ مدينة الجزائر وعمرانها، وهو أن جامع السيدة سابق لدخول الأخوين العثمانيين خير الدين بربروس وعروج (وهو بن أبي يوسف يعقوب التركي، قبطان وأمير مسلم اشتهر هو وأخوه خير الدين بجهادهما البحري) إلى الجزائر عام 1516 وهو تاريخ بداية الحكم العثماني للبلاد.
من جهته يذكر المؤرخ الجزائري محمد بن مدور أن هذا المسجد بُني في فترة حكم قبيلة بنو مزغنة البربرية للجزائر في القرن العاشر الميلادي (سنة 970) من قبل سيّدة ثرية أطلق عليه اسمها بعدها.
وتابع لكن العثمانيين بعد دخولهم اعتنوا بهذا المسجد وأدخلوا عليه تحسينات وأصبح مسجدًا للحكام والدّايات بسبب تواجده بالقرب من قصور هؤلاء الحكام.
أما المؤرخ الجزائري بلقاسم باباسي، فيشير في روايته إلى أن هذا المسجد بني من قبل الحكام العثمانيين بعد دخولهم الجزائر.
وأوضح أن أصل تسمية السيدة التي أطلقت على المسجد، تعود لإمرأة ثرية قدمت مع العثمانيين إلى الجزائر وحين همت بمغادرة البلاد وَهبت أموالاً لبناء أجمل مسجد يخلدها بالعاصمة الجزائر.
وتتقارب هذه الرواية مع تلك التي قدمها الباحث فوزي سعد الله، بأنه لا يُعرف شيء عن السيدة التي يُنسَب إليها هذا الجامع، وكل ما يشاع عنها هو أنها امرأة مُحسِنة من ثريات المدينة تكرَّمت بإنجاز هذا المعْلَم العمراني الديني.
كما يتم تداول عدة روايات حول سبب هدم هذا المسجد من قبل الفرنسيّين بعد غزوهم البلاد عام 1830 وتم بعدها ردم المكان وتحويله لساحة عسكرية قبل أن يبني الفرنسيون مكانه فندقًا سمي لاريجونس ليُهدم بدوره بعد استقلال البلاد عام 1962، ويتحول المكان إلى محطة للحافلات.
ويقول سعد الله: الشائعات هي التي قضت على جامع السيدة وأنهتْ وجوده إلى الأبد.. كان يُهمَس في أذن الجنرال كلوزيل (قائد الغزو الفرنسي على العاصمة الجزائر) خلال الأشهر الأولى لاحتلال فرنسا الجزائر، بأن تحت أرضية جامع السيدة، توجد كنوز ثمينة مدفونة منذ زمن طويل.. وكانت هذه الشائعات وراء قرار الجنرال مباشرة الحفريات مطلع أبريل 1831م داخل هذا المعْلم.
ووفق المؤرخ محمد بومدور فإنه مع دخول الفرنسيين إلى الجزائر العاصمة بلغ إلى مسامع الحاكم كلوزال، حديث وشائعات عن وجود كنز في مكان ما تحت المسجد، وفي 16 أغسطس 1830، أعطى أمرًا بغلقه وشرع الفرنسيون في البحث عن الكنز المزعوم.
واستطرد: عمليات البحث كانت تتم بطريقة همجية أين تم العبث بأعمدة وأسس المسجد بشكل ساهم في هدمه تدريجيًا.
من جانبه أكد المؤرخ بلقاسم باباسي، هذه الرواية، وأوضح أن الفرنسيين لجأوا إلى حرق دعائم المسجد الخشبية لصلابتها وخاصة الصومعة بشكل أدى إلى سقوطها وهدم المسجد.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- بالصور | أغرب 9 اكتشافات أثرية في تاريخ البشرية
- حوار الصحابي ربعي بن عامر مع رستم قائد الفرس .. مشهد من ماضٍ مجيد
- حقيقة عيسى العوام وأكذوبة فيلم صلاح الدين
- ألقاب أم المؤمنين عائشة
- قصة ساعة هارون الرشيد التي أثارت الجدل في مونديال قطر
التعليقات
إرسال تعليقك