بعد أن بدأت دولة المرابطين تتجه بقوة نحو السقوط ظهر في ذلك الوقت رجل من قبائل مصمودة الأمازيغية (البربرية) يُدعى محمد بن تومرت والذي قام بالثورة على المرابطين وأسس دولة الموحدين.

وعلى الرغم من علمه الغزير؛ حيث أخذه من أئمة تيارات مختلفة تُمَثِّل سنة وشيعة ومعتزلة، إلا أنه كانت لديه عجائب وعقائد منحرفة؛ فقد ادعى لنفسه المهدية وقال: أنا محمد بن عبد الله، ورفع نسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصرح بدعوى العصمة لنفسه، وأنه المهدي المعصوم.

وهو بهذا النهج قد وافق الرافضة الاثني عشرية، الذين قالوا بالعصمة لأئمتهم؛ حيث يقولون بوجوب عصمتهم من الكبائر والصغائر والنسيان.

وكان المرابطون خصوم محمد بن تومرت يُثبتون لله تعالى صفاته كما هي، لكن محمد بن تومرت أخذ فكر المعتزلة في نفي الصفات عن الله، وهي قضية جدليَّة طويلة، وخلاصة الأمر في ذلك أنه لما أثبت أنَّ المرابطين يُثبتون الصفات لله، ادَّعى أنهم من المجسمة؛ وتبعًا لهذا الادعاء فقد قال بكفر المرابطين، وسَمَّى أصحابه بالموحدين؛ لأنهم في رأيه هم الذين يُوَحِّدُون الله لنفيهم الصفات عنه، كما كان يُسَمِّي أتباعه بالمؤمنين.

وتبعا لهذا التكفير السابق لغير الموحدين استحل محمد بن تومرت دماء المرابطين، ومن ثم فقد أمر بالخروج عليهم وقتلهم، وأنه ليس هناك إثم في ذلك وهو في ذلك وافق الخوارج، ولقد كان ابن تومرت يهدف إلى هدم دولة المرابطين من جذورها، وبناء دولة الموحدين على أنقاضها مهما كلفه ذلك؛ وقد استباح في سبيل ذلك الدماء والأرواح والأموال.

ولقد استعان ابن تومرت برجل على شاكلته يسمى أبو عبد الله بن محسن الونشريشي، وكان يلقبه بالبشير؛ لخداع الناس، وقد طلب  ابن تومرت من هذا الفاسق أن يُخفي علمه وحفظه للقرآن، ويظهر أمام القبائل كأنه مجنون يسيل لعابه على وجهه ثم قال فيه ابن تومرت: "تعلمون أن البشير  رجل أُمِّيٌّ، ولا يثبت على دابَّة، فقد جعله الله مُبَشِّرًا لكم، مُطَّلِعًا على أسراركم، وهو آية لكم قد حفظ القرآن، وتعلَّم الركوب، وقال: اقرأ. فقرأ الختمة في أربعة أيام".

كذلك من عجائب ابن تومرت في جماعته الجديدة أنه كان يقتل العشرات من المخالفين له، حتى من فرقته وجماعته الموحدين، فالذي يخالفه في الرأي ليس له من دواء إلا القتل، وهو أمر في غاية الغرابة.

للمزيد ..

موقع قصة الإسلام - د.راغب السرجاني .. ابن تومرت ومنهجه في التغيير