ملخص المقال
عرفت الحضارة الإسلامية أنواعًا من المكتبات لم تعرفها أي حضارة أخرى، وقد انتشرت هذه المكتبات في جميع أرجاء الدولة الإسلامية، وقصدها طلاب الشرق والغرب.
عرفت الحضارة الإسلامية أنواعًا متعددة من المكتبات لم تعرفها أي حضارة أخرى، ولقد انتشرت هذه المكتبات في جميع أرجاء الدولة الإسلامية، لكن أشهر تلك المكتبات كانت مكتبة بيت الحكمة ببغداد، والتي كانت تعتبر بمنزلة جامعة عالمية يقصدها الطلاب من الشرق والغرب من أجل دراسة فنون العلم المختلفة.
قام بإنشاء هذه المكتبة الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، ولـما تولى هارون الرشيد نقل إليها كل الذخائر وسماها بيت الحكمة، ثم تطورت في عهد المأمون الذي استطاع أن يجلب لها كبار المترجمين والناسخين والعلماء والمؤلفين.
أدَّت مكتبة بغداد دورًا كبيرًا في حدوث نهضة علمية في سائر المجالات عند المسلمين الأوائل، نهضة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً قبل العصر الحديث مما كان له بالغ الأثر على الحضارة الإنسانية، في الوقت الذي كانت أوربا في حال مزرية من البداوة والتخلف.
تلك المكتبة هي التي عَمِلَتْ على نبوغ كثير من العلماء الذين صاروا أصحاب الريادة في علوم شتى، مثل الخوارزمي والرازي، وابن سينا، والبيروني، وابن النفيس، والإدريسي، ومئات غيرهم ممن أنتجهم الفكر الإسلامي الذي أرستْ قواعده مكتبة بغداد.
استمر نور مكتبة بغداد يُضيء للبشرية طريقها قرابة خمسة قرون حتى دُمِّرَتْ على أيدي التتار، فقد حمل التتار ملايين الكتب الثمينة وألقوا بها جميعًا في نهر دجلة، حتى تحوَّل لون مياه النهر إلى اللون الأسود من أثر حبر الكتب، وحتى قيل أنَّ الفارس التتري كان يعبر فوق المجلدات الضخمة من ضفة إلى ضفة أخرى.
ومن العجب أن القليل من المؤلَّفَات العلمية التي نجت من الدمار على أيدي هؤلاء الغزاة كانت من أهم أسباب النهضة العلمية الحديثة في أوربا، وقد شهد بذلك كثير من العلماء الغرب المنصفين[1].
[1] دكتور راغب السرجاني: ماذا قدم المسلمون للعالم، شركة أقلام للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، 1434هـ= 2013م، ص231، 240.
الأكثر قراءة اليوم الأسبوع الشهر
- هل لك خبيئة صالحة؟!
- قصة آل عمران .. العائلة التي كرَّمها الله في القرآن الكريم
- مليون جنيه لمواجهة فيضان النيل عام 1946
- كم مرة أشار فيها القرآن لأرض الشام؟
- إنفوجرافيك | سلسلة مناسك الحج -3
التعليقات
إرسال تعليقك